إلى جانب أن الطلب الاستهلاكي على السلع النهائية أو ما يعرف بـ "تجارة التجزئة" يمثل مكوناً محورياً بين مكونات الطلب الكلي في الاقتصاد الوطني بأي دولة، فهو يعد المؤشر المحوري الذي يستدل به على مدى قدرة الأسواق المحلية بتلك الدولة على استيعاب المزيد من المنتجات، حيث إنه كلما زاد هذا الطلب كان ذلك مشجعاً للأنشطة الاقتصادية وخطوط الإنتاج فيها على التوسع في الإنتاج، وأدى ذلك إلى توسيع هامش النمو أمام الاقتصاد الوطني. ويعتبر الاقتصاد الإماراتي في الوقت الراهن أحد الاقتصادات المعدودة على مستوى العالم التي تتمتع بمعدلات نمو مطمئنة لتجارة التجزئة، مقارنة بما هو سائد على المستوى الإقليمي والعالمي، وقد بدا ذلك واضحاً في التقرير الذي أصدرته مؤسسة "بيزنس مونيتور إنترناشيونال" المتخصصة في الأبحاث، والذي أوضح أن متوسط إنفاق الفرد على منتجات التجزئة في الإمارات يتراوح بين 15 ألف درهم و17 ألف درهم خلال العام الجاري، بنسبة زيادة تقدر بنحو 6.8 في المئة مقارنة بالعام الماضي، كما أوضح التقرير أن إجمالي مبيعات تجارة التجزئة في الدولة خلال العام الجاري يقدر بنحو 123.3 مليار درهم، بزيادة تقدر بنحو 8.2 في المئة عن مستواها العام الماضي. هذه المؤشرات تأتي بدورها في سياق ما أعلنت عنه مؤسسة "إيه. تي كيرني" المتخصصة في الاستشارات الإدارية والاستراتيجية في وقت سابق هذا العام، عندما صنفت دولة الإمارات في المرتبة الأولى عربياً والسابعة عالمياً، وفقاً لمؤشر "تطور تجارة التجزئة"، وفقاً لبيانات عام 2012، متقدمة من المرتبة الثامنة عالمياً، وفقاً للمؤشر نفسه في عام 2011، وبذلك فقد جاءت الدولة، وفقاً لتصنيف "إيه تي كيرني" ضمن أفضل الأسواق الناشئة من حيث معدل توسع تجارة التجزئة. ولعل معدلات النمو التي أظهرتها البيانات الصادرة عن "بيزنيس مونيتور" تعد مؤشراً على مواصلة قطاع تجارة التجزئة الإماراتي على أدائه المتميز، وعلى أنه ما زال يتمتع بمقدار من الزخم وقدرة على النمو بما يتيح للاقتصاد الوطني ككل هوامش أوسع للنمو في المستقبل. تطور تجارة التجزئة والنمو الذي طرأ عليها من حيث الحجم مقارنة بالعام الماضي، والذي تم تقديره بنحو 6.8 في المئة، يسهم في وضع دولة الإمارات بقوة على خريطة تجارة التجزئة العالمية، ويعبر عن ثقة كبيرة من قبل المستهلكين في الاقتصاد الوطني، على الرغم من الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، المتمثلة في ظروف عدم الاستقرار السياسي والأمني، بجانب الظروف التي يمر بها الاقتصاد العالمي على وجه العموم، جراء التداعيات المتتالية للأزمات المالية العالمية التي ما زالت تلقي بظلالها على العديد من الاقتصادات الكبرى، وتعمق من أزمة الثقة لدى المستهلكين والمستثمرين فيها على حد سواء، وتزامن الأداء الإيجابي الإماراتي مع هذا الأداء المتراجع على المستويين الإقليمي والعالمي على هذا النحو يضع الاقتصاد الوطني في منطقة مضيئة على خريطة الأداء الاقتصادي ككل، وتميزه كثيراً كذلك فيما يتعلق بخريطة التجارة العالمية، وتجذب إليه انتباه المستثمرين كوجهة استثمارية واعدة، تمتلك آفاقاً واسعة للتوسع والنمو، ولديها رصيد جيد من تنافسية المناخ الاستثماري وجاذبيته والمرونة في بيئة الأعمال، ما يجعلها أحد البلدان الأكثر تميزاً وقدرة على جذب هؤلاء المستثمرين على مستوى العالم. ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.