المقصود باللكمات الإسرائيلية هو خطط التوسع في المستوطنات التي تعمدت إسرائيل إقرارها والإعلان عنها خلال الأسبوعين الماضيين. طبعاً جاءت الخطط بعد الجولة الأولى للمفاوضات مع الفلسطينيين والتي عقدت في واشنطن بين ليفني وعريقات بإشراف كيري في نهاية يوليو. ما الذي يمكن قوله حول هذه الخطط؟ أول:ا بيانات الخطط كالتالي: خطة أعلنت يوم الأحد الماضي لبناء 1200 وحدة سكنية جديدة في الضفة والقدس، وخطة أعلنت منذ عشرة أيام لبناء 800 وحدة، وخطة جاءت قبل أسبوعين تقضي بضم 90 مستوطنة إلى قائمة المناطق ذات الأفضلية الإسرائيلية للتطوير، أي المناطق التي تحظى بنصيب وافر من الميزانيات وخدمات الإسكان وغيرها. ثانياً: دلالة التوقيت، وهي واضحة ترمي إلى هدف داخلي وهو حرص نتنياهو على الحفاظ على وجود الأحزاب اليمينية المتطرفة، مثل «البيت اليهودي» بقيادة نفتالي و«إسرائيل بيتنا» بقيادة ليبرمان، داخل حظيرة حكومته. فهو يريد من التوقيت الذي جاء قبل الجولة الثانية من المفاوضات أن يطمئن شركاءه في الحكومة إلى أن كل ما ذكر عن تعهدات أميركية سرية لعباس حول تجميد الاستيطان دون إعلان طوال فترة المفاوضات، أمر لا يعنيه كرئيس حكومة إسرائيل. ثالثاً: الحرج الشديد الذي أنزلته هذه الخطط بالرئيس الفلسطيني أمام جماهيره وأنصار المفاوضات، وهو أمر واضح الهدف منه إما إجبار عباس على الانسحاب من المسيرة التفاوضية وإغضاب الولايات المتحدة، وإما إرغامه على ابتلاع الحرج والإهانة ومواصلة المفاوضات المجحفة. رابعاً: يرتبط بذلك الإحراج هدف إسرائيلي شديد المكر، ذلك أنه إذا قبل عباس مواصلة المفاوضات رغم هذه الخطط التي ستتزايد بالتأكيد فإن هذا سيفسر لدى خبراء القانون الدولي الإسرائيليين على أن المستوطنات أصبحت عملاً شرعياً يحظى باعتراف وقبول السلطة الفلسطينية ولا مجال للطعن عليه في المحافل الدولية. خامساً: إحداث أزمة في العلاقات الأميركية الفلسطينية بدفع المسؤولين الرسميين في الجانب الفلسطيني إلى إفشاء أسرار التعهدات الأميركية لعباس وتوجيه اللوم العلني لكيري، وهو ما بدأ يحدث بالفعل من جانبهم. سادساً: إحداث مشكلة داخل الصف الفلسطيني ودفع قادة منظمة التحرير والسلطة الوطنية إلى الخروج على عباس وتوجيه اللوم إليه، وهو أيضاً ما بدأ يحدث بمطالبة عباس بالانسحاب من المفاوضات ووضع الراعي الأميركي أمام مسؤولياته، مثلما صرح صالح رأفت عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة عندما قال: علينا التراجع فوراً عن هذه المفاوضات والتمسك بموقفنا المطالب بوقف الاستيطان والاعتراف بحدود عام 1967. وفي تقديري، أن توجيه اللكمات المبكرة إلى ذفن المفاوضات من جانب حكومة نتنياهو، هو مجرد مقدمة لضربات أكثر إيلاماً ستأتي في حال مواصلة الفلسطينيين لها. أما السبب فهو واضح حيث أن عناصر حكومة نتنياهو اليمينية بالإضافة إلى التيار المتشدد داخل حزب «ليكود»، لا يوافقون أصلاً على قيام دولة فلسطينية ذات سيادة إلى جوار إسرائيل. لقد دخلت إسرائيل المفاوضات لإرضاء كيري فقط وليس من أجل إقامة دولة فلسطينية.