إسرائيل تسرق الأرض الفلسطينية.. ومالي تجتاز الانتخابات الرئاسية عراقيل إسرائيلية أمام عملية السلام، ونجاح الانتخابات المالية، ودخول روسيا في صراع مع الغرب، ثم حتمية الإصلاحات الأوروبية للخروج من الأزمة.. أهم القضايا التي تناولتها الصحافة البريطانية خلال الأسبوع الماضي. عبثية «السلام» كتب المحلل والمعلق البريطاني، روبرت فيسك، في صحيفة «الإندبندنت» مقالا يوم الثلاثاء الماضي ينتقد فيه ردة فعل وزير الخارجية الأميركي جون كيري على إعلان الحكومة الإسرائيلية بناء أكثر من 1200 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية والقدس، وذلك في الوقت الذي يجري فيه الإعداد لبدء المفاوضات بين الجانبين. فبعد الخطأ الواضح من جانب إسرائيل وتحديها السافر للأجواء الإيجابية التي خلّفها الإعلان عن استئناف المفاوضات، يقول فيسك، جاءت تصريحات كيري لتعبر عن عبثية المواقف الأميركية وتواطؤها المستمر مع إسرائيل، حيث طلب من الفلسطينيين عدم التشنج والرد بعصيبة، وكأنه يريد من الطرف المحتلة أرضه التفرج والصمت على عملية السرقة الموصوفة التي تقوم بها إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وبعد كل ذلك حث الطرف الأضعف على إبداء المرونة والجلوس إلى طاولة المفاوضات. وفي تعليق كيري الذي أثار غضب الكاتب أن بناء المستوطنات أمر «غير مشروع»، متجنباً الإشارة الأصح إلى أنه عمل غير شرعي ومناف للقانون الدولي، لكن الأمر في النهاية، يقول الكاتب، غير مستغرب بالنظر إلى سجل الإدارات الأميركية المتعاقبة في تدليل إسرائيل والتعامل معها بجبن لافت على حساب الفلسطينيين، وليس أدل على ذلك من عبثية مسلسل السلام برمته منذ انطلاقه في أسلو، فبعد كل هذه السنوات من الانتظارية والأمل يؤكد الكاتب أن الدول الفلسطينية تحولت إلى سراب، وهو الأمر الذي يظهر جلياً على أرض الواقع عند القيام بجولة في الضفة الغربية، حيث تحولت الأراضي الفلسطينية إلى بقع تحوطها المستوطنات، أو كما يسميها «المستعمرات غير الشرعية». والمفارقة أن اتفاق أسلو الذي نص على عدم اتخاذ الجانبين لأي خطوات أحادية، منح إسرائيل كامل الوقت لتوطين ما يناهز نصف مليون يهوي في الضفة الغربية والقدس. لكن رغم ذلك، يقول الكاتب، يخرج كيري أمام وسائل الإعلام ليهون من استمرار عملية السرقة الإسرائيلية ويطلب من المحتلة أراضيه ضبط النفس والمرونة، وإلا ستُطلق يد الدولة العبرية للإجهاز تماماً ليس على الدولة الفلسطينية الميتة فعلا، بل على ما تبقى من الكرامة الفلسطينية ومصداقية القانون الدولي. الانتخابات المالية تطرقت صحيفة «ذي جارديان» في افتتاحيتها ليوم الإثنين الماضي إلى الانتخابات المالية والرهانات الكبيرة المرتبطة بها، فالانتخابات الرئاسية، تقول الصحيفة، جرت بعد 18 شهراً من دخول البلاد أزمة طاحنة بدأت بانقلاب عسكري على السلطة المنتخبة في العاصمة وامتدت لتشمل انهيار الجيش وسقوط ثلثي البلاد في الشمال في أيدي حركات متمردة ضمت تنظيمات مرتبطة بـ«القاعدة»، وأخرى ذات طابع قومي تطالب باستقلال الشمال وضمان حكم ذاتي للطوارق. لكن رغم الصعوبات التي تمر بها البلاد، تقول الصحيفة، فإن الانتخابات مرّت في ظروف جيدة لتنجح مالي بذلك في اختبار تأمين عملية الاقتراع، بل حتى نسبة المشاركة، تضيف الصحيفة، كانت معقولة حيث وصلت إلى 50 في المئة. ومن المنتظر أن يكون للانتخابات دور كبير في دعم العملية السياسية وتعزيز المكاسب العسكرية التي تحققت في الشمال بعد التدخل الفرنسي وطرد المتمردين. ولعل نجاح الانتخابات في مالي يعود، حسب الصحيفة، إلى الوعود الدولية التي اشترطت للإفراج عن المساعدات المالية المقدرة بحوالي أربعة مليارات دولار إجراء انتخابات حرة وعودة الديمقراطية إلى البلاد، لكن الانتخابات ليست سوى المحطة الأولى في مسيرة مالي الطويلة، حيث ستكون أمام الرئيس المنتخب إبراهيم بوبكر كيتا، ذي الـ68 عاماً، تحديات كبيرة يتعين التعامل معها وأولها إقرار مناخ من المصالحة مع الشمال يراعي مطالب سكانه التي تمثلها «الحركة الوطنية لتحرير أزواد»، هذا بالإضافة إلى ضمان وصول أموال المساعدات إلى جميع المناطق المالية، بما فيها الشمال واستفادة سكانه من الطوارق والعرب من الدعم، وذلك لتحصين المنطقة ضد عودة التنظيمات المتطرفة المرتبطة بـ«القاعدة»، وضمان عدم اختراقها للسكان. روسيا ليست نداً وفي افتتاحيتها للأسبوع الماضي رأت صحيفة «الديلي تليجراف» في قرار أوباما إلغاء القمة التي كانت مرتقبة بينه وبين بوتين، رداً مبرراً ومفهوماً تماماً بالنظر إلى سياسات روسيا المناوئة للغرب والتي تسعى إلى استنساخ أجواء الحرب الباردة. لكن، وخلافاً لتلك الفترة التي كانت فيها الساحة الدولية منقسمة بين ندين عملاقيين يؤثران على مجريات الأحداث بتحالفاتهما الممتدة، لم تعد روسيا اليوم، تقول الصحيفة، سوى ظل باهتا لما كانت عليه في السابق، لذا لا يجب التعامل معها بأي حال من الأحوال على أنها ند حقيقي للولايات المتحدة أو الغرب، فرغم مشاكساتها المتعددة التي كانت آخرها منح اللجوء السياسي لإدوارد سنودن، المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأميركية، فإنها تظل بعيدة كل البعد عن قوة أميركا، سواء الاقتصادية أو العسكرية أو حتى الثقافية. وتسترسل الصحيفة في توضيح وجهة نظرها من خلال المقارنة بين الغرب وروسيا؛ فمع أن القوة التقليدية للغرب ما عادت كما كانت في أوجها سابقاً، وذلك نظراً لصعود قوى دولية أخرى تزاحم الغرب ريادته، فإن روسيا، حسب الصحيفة، لا مكان لها في قائمة الدول المنافسة للغرب، وذلك لعدد من الأسباب على رأسها المشكلة الديموجرافية التي تتخبط فيها روسيا، إذ معروف وفقاً للإحصاءات أن روسيا تفقد سنوياً عدداً من سكانها بسبب الرعاية الصحية السيئة والإدمان على الكحول والهجرة خارج البلد. يؤكد ذلك ما ذهبت إليه الأمم المتحدة من أن روسيا ستخسر بحلول عام 2050 ما يقارب 36 مليون نسمة ليستقر عدد سكانها في حدود مئة مليون نسمة، وهو ما لا يقارن بما يعيشه الوضع الديموجرافي الأميركي من انتعاش، حيث يبلغ تعداد السكان 300 مليون نسمة، أو حتى بريطانيا التي تشهد زيادة سكانية سنوية تصل إلى 400 ألف شخص سنوياً، ليصبح سكانها الأكثر نمواً في عموم أوروبا، الأمر الذي يصب مباشرة في صالح الاقتصاد الذي يعتبر بدوره أحد الأسباب الأساسية لتفوق الغرب. فالاقتصاد الأميركي يتجاوز نظيره الروسي بثماني مرات، كما أن الناتج المحلي الإجمالي لروسيا يقل بحوالي 30 في المئة عن نظيره البريطاني، كل ذلك لن يجعل من روسيا سوى معرقل للغرب ومصدر إزعاج لا يرقى، في رأي الصحيفة، إلى مستوى الند أو الخصم العنيد. فرصة أوروبا خصصت صحيفة «الفاينانشال تايمز» افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي للتحذير من أن مرحلة الهدوء الحالية المرتبطة بفصل الصيف والإشارات الضعيفة للتعافي الاقتصادي، لا ينبغي أن تولد انطباعاً خاطئاً لدى القادة الأوروبيين بأن الأزمة قد انتهت، ذلك أن هناك، كما تقول الصحيفة، مهامَّ كثيرة تنتظر النخب السياسية لتعزيز المكاسب والقيام بالإصلاحات الضرورية لمنع تكرار الأزمة المالية التي كادت تعصف بالاتحاد، وفي هذا السياق تعدد الصحيفة قائمة المهام التي تنتظر الإنجاز والمتمثلة في إعادة التوازن لموازنات البنوك والمصارف الأوروبية، والحد من التشتت الذي يعرفه النظام المالي الأوروبي والعودة إلى تدفق الائتمان إلى الشركات، والأهم من ذلك تؤكد الصحيفة الحاجة إلى تعزيز النمو وتقليص البطالة، لاسيما في الاقتصادات الضعيفة التي تواجه استحقاق الإصلاحات الهيكلية التي أُجلت في العقد الماضي بكلفة باهظة. ولعله من الأمور المستعجلة التي تستوجب اهتمام الأوروبيين بعد انتهاء فترة الصيف؛ إعادة جدولة الديون اليونانية للمرة الثانية، واحتمال إمداد البرتغال بخط ائتماني احترازي للتخفيف من وطأة المرحلة الانتقالية، والمرور من حالة الإنقاذ إلى الاقتراض العادي من السوق المالية، وبالطبع تحمّل الصحيفة جزءاً كبيراً من عملية الإصلاح للقادة الأوروبيين سواء من خلال اتخاذ قرارات جريئة داخلياً، أو تعميق تنسيق السياسات على المستوى الأوروبي. إعداد: زهير الكساب