ما وراء إلغاء قمة أوباما- بوتين... و«طوق أميركي» حول اليمن كيف يمكن تطويق عناصر «القاعدة» في اليمن؟ وهل تتدخل واشنطن لنزع فتيل التوتر في بحر جنوب الصين؟ وماذا عن أصداء إلغاء قمة «أوباما – بوتين»؟ تساؤلات نسلط الضوء على إجاباتها ضمن قراءة سريعة في الصحافة الأميركية. تسليح اليمن من العدد الأخير لدورية «فورين بوليسي»، وتحت عنوان «الولايات المتحدة تبيع مزيداً من الأسلحة للجيش اليمني»، رأى «جون ريد» أن الطائرات الأميركية من دون طيار تهاجم بعنف أهدافها في اليمن. الآن باتت الأجواء اليمنية مزدحمة، والبحرية الأميركية تساعد القوات الجوية اليمنية في شراء 12 طائرة تجسس خفيفة، إضافة إلى مئات الملايين من الدولارات كمساعدات عسكرية أميركية تحصل عليها صنعاء. الكاتب يشير إلى أن برنامج طائرات المراقبة الخفيفة يهدف إلى شراء 12 طائرة صغيرة مجهزة بمعدات رؤية ليلية تعمل بالأشعة تحت الحمراء، وقادرة على بث الصور الملتقطة جواً إلى قاعدة أرضية، وسيتم تزويد الطيارين بأدلة تشغيل وتدريب باللغة العربية. وحسب الكاتب ترغب البحرية الأميركية المعنية بشراء هذه الطائرات، إلى توفيرها بسعر رخيص، بحيث يتم قبول أقل العروض والتي تسمح بالحد الأدنى للاحتياجات التقنية الضرورية لليمنيين. الولايات المتحدة فتحت الباب من جديد لتقديم المساعدات العسكرية لليمن، وذلك بعد عام من تعليقها، بسبب مخاوف من انتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبتها حكومة صالح. ويشار أيضاً إلى أن الولايات المتحدة تمنح الجيش اليمني كل شيء سواء طائرات التجسس الخفيفة، ونظارات الرؤية الليلية والأسلحة، وطائرات من دون طيار لملاحقة الإرهابيين. وبالإضافة إلى المعدات الحربية، تنفق الولايات المتحدة ملايين الدولارات على تدريب اليمنيين لتمكينهم من قنص الإرهابيين. الأميركيون يحيطون اليمن بحلقة من الطائرات القادرة على تنفيذ عمليات داخل اليمن، ولدى الولايات المتحدة آلاف الجنود وأسطول من الطائرات القاذفة المناوبة، وطائرات من دون طيار متواجدة في جيبوتي، ناهيك عن مرابض لطائرات من دون طيار تابعة للاستخبارات الأميركية في عمق الصحراء اليمنية، إضافة إلى قوات أميركية وطائرات من دون طيار في إثيوبيا وسيشل يتم استخدامها موسمياً. ويبقى الآن الانتظار لمعرفة ما إذا كانت ترسانة حربية صغيرة لمواجهة تنظيم "القاعدة" الذي ينمو في شبه الجزيرة العربية، ففي النهاية نجد أنه بعد 4 سنوات من استخدام طائرات من دون طيار لشن هجمات في اليمن، تنامي عدد المنتسبين لتنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية». نزاعات الصين يوم الأحد الماضي، وتحت عنوان «انزلاق قدم الصين»، نشرت «نيويورك تايمز» افتتاحية رأت خلالها أنه إذا كانت ثمة نهاية للتوترات القائمة في بحر جنوب الصين، المنطقة التي تعد الأكثر أهمية استراتيجية بالنسبة لخطوط الملاحة البحرية، فهي تتمثل في بحث دول المنطقة عن طريقة لحل نزاعاتهم البحرية. الصين أكثر من أي بلد آخر شجعت هذه العداوات من خلال ادعاءات بامتلاك بعض المناطق المتنازع عليها، ناهيك عن مواجهات حول جزر، وربما مجموعة صخور. وحسب الصحيفة، فإن وزير الخارجية الصيني «وانج يي» قال إن بلاده ستكون سعيدة إذا تمت مناقشة طريقة أو «مدونة سلوك» لمساعدة الدول على التعامل مع هذه النزاعات بطريقة سلمية، لكنه أشار إلى أن الصين لا تستعجل الوصول إلى علاج لهذه النزاعات، وكأن الأمر يتعلق بترك الصراعات تستعر. وحسب الصحيفة، فإن الدول العشر التي تكون منها «رابطة الآسيان»، ستناقش موضوع النزاعات البحرية في المنطقة خلال قمتها المقرر عقدها الشهر المقبل. لكن النزاعات تتداخل بدرجة تجعلها أكثر تعقيداً، وانزلاق الصين فيها يجعل بكين تلعب على عنصر الوقت أملاً في نثر بذور تباينات بين الدول الصغيرة في المنطقة. السباق على بحر جنوب الصين قائم منذ قرون، وبينما تحاول فيتنام واليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا تحمل المسؤولية عن رأب الصدع الناجم عن النزاعات البحرية، فإن استخدام الصين لقطعها البحرية وسفنها التجارية يثير قلق جيرانها الأصغر منها حجماً. ومكمن الخطر- حسب الصحيفة- أن أي خطأ في الحسابات قد يثير النزاعات، في منطقة حيوية كطريق للملاحة وفي الوقت نفسه يعتقد أنه غني بالنفط والغاز الطبيعي ومصايد الأسماك والمعادن. الصين ترى أن لديها سيادة غير قابلة للمساومة على معظم المناطق المتنازع عليها، وخاضت سفنها مواجهات ضد قطع بحرية فلبينية ويابانية. وترى الصحيفة أن المواجهة مقاربة غير حكيمة في نزاعات من هذا النوع، خاصة بالنسبة لبلد كالصين حصد ثمار الاستقرار والتنمية ويحتاج إلى التركيز على مشكلات داخلية مهمة منها تحديات متنامية تواجه اقتصادها، وبدلاً من تغدية الشعور الوطني المفعم بالتحدي يتعين على بكين العمل مع جيرانها من أجل تخفيف حدة الادعاءات والبحث عن تنمية مشتركة للموارد الطبيعية الموجودة في المنطقة. من جانبها طرحت إدارة أوباما- التي باتت أكثر انخراطاً في المنطقة تطوير مدونة سلوك، وثلاثة من مسؤوليها الذين زاروا المنطقة منذ مايو الماضي وهم: وزير الخارجية ووزير الدفاع ونائب الرئيس، أكدوا أن التوصل إلى هذه المدونة يصب في مصلحة الجميع. القمة الملغاة يوم الأربعاء الماضي، وتحت عنوان «أمر يفوق سنودن هو الذي أدى إلى إلغاء قمة أوباما بوتين»، استنتجت «كريستيان ساينس مونيتور» أن تغليب القيم على المصالح، هو الذي أدى إلى إلغاء قمة كان من المقرر عقدها في سبتمبر المقبل بين الرئيس الأميركي ونظيره الروسي. فالولايات المتحدة تنظر للدبلوماسية العالمية بطريقة تختلف عن تلك التي ينطر بها بوتين. الصحيفة تقول إن أوباما في نزاعه الداخلي مع «الجمهوريين»، وضع إطاراً للسجال يتعلق بصراع القيم، فالرئيس الأميركي يحاول الفوز في سباق الأفكار. بوتين يتصرف غالباً كما لو أنه في منافسة على مصالح جيوسياسية أكثر من خوض سباق حول القيم. وبعدما سرق «إدوارد سنودن» المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأميركي معلومات سرية، وسعى للحصول على حق اللجوء من روسيا، فإن الأخيرة تعاملت معه كأنه رهينة في لعبة القوة العالمية. على سبيل المثال، لا يجد الرئيس الروسي سوى قيمة ضئيلة في وضع نهاية للمذابح الجماعية المتواصلة في سوريا، إذا كان ذلك يعني التخلي عن ميناء مهم أو فقدان النفوذ الروسي في الشرق الأوسط، وفي هذه الحالة تنتصر القوة على المبادئ، وتتقدم المصالح القومية على القيم العالمية. وتستنتج الصحيفة أن أوباما ألغى قمته مع بوتين لأسباب تفوق قضية لجوء سنودن إلى موسكو، أو أن الرئيس الروسي سيرفض تسليمه إلى الولايات المتحدة، كي تتم محاكمته، فثمة قيم تهم واشنطن والعالم بأسره تتعلق بحظر الانتشار النووي وحقوق الإنسان في روسيا واتفاقيات التجارة الحرة، وهي أمور أثارت إحباط البيت الأبيض عند تقييمه للعلاقات الثنائية الأميركية – الروسية. موقف أوباما لا يعني العودة للحرب الباردة، لكنه تحول كبير في سياسة رئيس دخل البيت الأبيض متبنياً سياسة الحوار مع الأعداء، مثل المرشد الأعلى الإيراني، فأوباما بصفته أستاذاً جامعياً جلب معه إلى السلطة فن الإقناع والقدرة على تحمل جوانب الاختلاف، لكنه أحُبط، خاصة عند انتهاجه هذا الأسلوب، مثلما أُحبط جراء الفشل في إقناع قادة الصين بالتفاوض حول الاحتباس الحراري. وتنوّه الصحيفة إلى أن رؤساء والولايات المتحدة عادة ما يحضران القمم أو يقاطعانها من أجل توجيه رسالة حول القيم الأميركية، والطغاة الملطخة يداهم بالدماء نادراً ما يرحب بهم في البيت الأبيض، والعكس تماماً بالنسبة لحلفاء واشنطن المدافعين عن الحرية. ورغم ذلك تطرقت الصحيفة إلى نموذج رئاسي آخر يجد طريقاً وسطاً بين الدفاع عن القيم والتصرف كقائد للدبلوماسية الأميركية، تمثل في ريتشارد نيكسون الذي التقي نظيره ماو تسي تونج رغم ما تم ارتكابه في الصين من فظاعات، وكانت تلك الخطوة تكتيكاً للحد من التهديد السوفييتي وتفادي حرب نووية عالمية. وتقول الصحيفة إن أوباما ليس خجولاً كي يوجه تبويخاً لزعيم ما أثناء مؤتمر، لكن القادة المستبدين أمثال بوتين يتفادون هذا السيناريو، ولا يعدمون وسيلة للإفصاح عن أخطاء أميركية عديدة، لكن محاكمة سنودن بسبب تسريبه معلومات سرية تتعلق ببرامج المراقبة ليست واحدة من هذه الأخطاء، لأن المحاكمة وسيلة لمنع وقوع تسريبات من هذا النوع في المستقبل. أميركا تريد روسيا ديمقراطية ومنفتحة وليست منافساً عالمياً يحكمه ديكتاتور ولديه اقتصاد بطيء النمو، وعلى أوباما التأكد من أن إلغاء القمة يحمل رسالة تنطوي على نوايا حسنة تجاه روسيا. إعداد: طه حسيب