تحولات كبيرة تنتظرها المنطقة العربية، فالصراع الدائر في مصر له تداعياته، ويبدو أنه أصبح يستحيل اللحاق بسرعة المتغيرات، حيث التحول على أرض الواقع يفوق السياسات العامة التي تنتهجها الدول المعنية. وقد أصبحت دول مجلس التعاون معنية بمشاهد الصراع العربي، ففي سوريا هناك تباين واضح وتأييد لفرق محاربة للنظام السوري. أما في مصر فالانقسام في الموقف الخليجي بات واضحاً، وإن حاولت الدول الخليجية النأي بنفسها عن تداعيات المشاهد الصراعية في المنطقة على العموم. ومع ذلك فثمة في مصر تفاوت في المواقف، فبعض دول الخليج العربي تسعى للإبقاء على شعرة معاوية مع تيار الإسلام السياسي، وعلى النقيض من ذلك، لدينا ثقل خليجي معاد ومعارض لجماعة «الإخوان المسلمين»، وهذا ما يجعل دول الخليج العربي في بؤرة الصراع الدائر في المنطقة. دول مجلس التعاون الخليجي لا تنتهج سياسة خارجية موحدة، وهو أمر قد يُفهم على أنه ضعف في التعاون والتنسيق، فالساسة في دولنا الخليجية كثير ما يتأخرون في أخذ المبادرة، ما يجعلهم في خانة انتظار ردات الفعل ومن ثم المبادرة بعدها، مما يضعف الموقف الخليجي. ومن الواضح في قراءتنا للمشهد المصري أن هناك تفاهماً غربياً تقوده الولايات المتحدة الأميركية مع جماعة «الإخوان المسلمين»، ويبدو أنه تفاهم حول قضايا استراتيجية تهم الجانب الأميركي بالدرجة الأولى. أما التنظيم الدولي لـ«الإخوان» فقد كانت له، على ما يبدو، طموحات تعبر الحدود الإقليمية يسعى من خلالها إلى بسط نفوذه عربياً، وذلك بتمكين أميركي بالدرجة الأولى. أما دول مجلس التعاون الخليجي فهي أيضاً تسعى لتقوية تحالفها مع الولايات المتحدة، وإن وجدنا من جانب واشنطن محاولات غير واضحة الملامح تصب في اتجاه تقويض القوة الخليجية وإيجاد خريطة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط. وبكل تأكيد فإن دول الخليج العربي تدرك أن لا وفاء ولا صداقة دائمة في السياسة بقدر ما هناك مصالح مشتركة، ومن ثم فالسؤال هو: إلى أي درجة تحاول دول الخليج السعي إلى تأكيد مصالحها ليس فقط كنظم سياسية وإنما كمجتمعات ودول تتميز بدعم كبير من شعوبها؟ لا يبدو لي أن التحرك الخليجي يأخذ على عاتقه طبيعة هذه المجتمعات من حيث صلابة قواعدها الاجتماعية ومدى ارتباطها بنظم الحكم، ومن ثم فالسياسات الخليجية في تعاملها مع مشاهد الصراع العربي يشوبها بعض من الغموض. كان بإمكان دول مجلس التعاون الخليجي الدفع بإعادة التوازن في علاقتها مع روسيا الاتحادية والصين ودول مثل الهند وغيرها من الدول الآسيوية المحورية... إلا أن غياب سياسة خليجية موحدة من جانب والشعور بقوة المال باعتباره الكفيل بكل الحلول، دفع هذه الدول للتراجع أحياناً عن بعض المبادرات الخلاقة. المراهنة على سلة البيض الواحدة يعرّض دول المنطقة لاضطراب محتمل، ومن ثم فإن إعادة قراءة الأحداث ومراجعة الخبرات والتجارب السابقة تشكل أحد أهم المطالب التي ينبغي الاهتمام بها. التهديد لاستقرار المنطقة الخليجية ليس محكوماً فقط بعوامل داخلية بقدر ما هو مرتبط بظروف إقليمية تتطور بسرعة فائقة وبعوامل دولية تتجه نحو بناء تحالفات جديدة تؤثر على خريطة المنطقة العربية بأكملها.