ليس بخافٍ على أحد مدى النجاح الذي حققه «صندوق محمد بن زايد للمحافظة على الكائنات الحية»، بهدف حماية البيئة وخدمة الإنسانية جمعاء، كما تدلل بوضوح النتائج المشرفة التي تمخضت عنها المشاريع الـ 250 التي موّلها في أكثر من 75 دولة، العام الماضي، حيث قدم الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، خدمة جليلة لدولة الإمارات العربية المتحدة وللإنسانية جمعاء حين وجّه بتأسيس «صندوق محمد بن زايد للمحافظة على الكائنات الحية» في عام 2008. والحق أن قيمة هذه المؤسسة التي قلّ مثيلها، والتي تسهر على حماية الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض في أنحاء العالم كافة، لا تنحصر في فوائدها الظاهرة، على الرغم من أهمية هذه الفوائد التي لا يمكن التقليل منها. فللمؤسسة مساهمة قيّمة غير مباشرة في بناء حياتنا الإنسانية الحديثة تتخطى حدود العلوم الطبيعية والبيئية، لتدخل في ميدان العلاقات الإنسانية والتفاعل بين الشعوب، فهي بحق واحدة من تلك الكيانات العابرة للحدود التي تنزع لخدمة أغراض إنسانية نبيلة تخص البشر أينما كانوا. وهكذا فإن نشاط «صندوق محمد بن زايد للمحافظة على الكائنات الحية» يتركز على حماية الكائنات الحية من حيوان ونبات -أينما كانت- من الانقراض الذي يتهددها. ويجد المرء في كيفية توزيع المنح المالية على المشاريع ذات العلاقة في أنحاء العالم، خير دليل على هذه الصبغة الإنسانية الشاملة. ومن هذا المنطلق، فإن 43 في المئة من المساعدات المالية الإجمالية التي قدمها الصندوق في العام الفائت، ذهبت إلى مشاريع تمت في دول آسيوية، و27 في المئة منها تم تخصيصه لمشاريع في القارة الأفريقية، فيما كان نصيب دول قارة أميركا الجنوبية 15 في المئة، وأميركا الشمالية 9 في المئة، وأوروبا 4 في المئة، فيما نالت قارة أوقيانوسيا 2 في المئة من المساعدات التي رصدها الصندوق في عام 2012 لحماية الكائنات الحية المهددة بالانقراض. والحال أن صندوق سمو الشيخ محمد بن زايد، قد نجح في إنقاذ 219 نوعاً من الكائنات المهددة بالانقراض من خلال المشاريع التي أقامها في أنحاء العالم كافة بتكلفة إجمالية بلغت 5 ملايين و509 آلاف درهم، حسبما يذكر التقرير السنوي لعام 2012. وغني عن القول إن سياسة الصندوق تتسم بالحيادية والصرامة العلمية في تقويم طلبات المنح، فيعكف علماء وباحثون على دراسة المشاريع المقترحة، قبل أن يصار إلى انتخاب الطلبات التي تستوفي شروط النجاح. كما يسعى الصندوق للتعريف برواد هذا المجال وإلقاء الضوء على بحوثهم بهدف رفع مستوى الوعي بأهمية جهود المحافظة على الكائنات الحية التي يتربص بها خطر الانقراض. ويقف توزيع هذه المنح دليلاً واضحاً على إيمان سموه العميق بأنه ليس هناك دولة يمكنها العيش بمفردها كجزيرة منعزلة بعيداً عن الدول الأخرى، فالجميع يعيشون على هذا الكوكب وما يؤثر في دولة أو منطقة معينة يؤثر فينا جميعاً أينما حللنا. ومن هنا، ليس من قبيل المبالغة القول إن «صندوق محمد بن زايد للمحافظة على الكائنات الحية»، هو خير سفير للثقافة الإماراتية الأصيلة بتوجهها الإنساني واهتمامها بالبيئة، وخير مثال للمؤسسة الإماراتية المتطورة التي تحرز النجاح تلو النجاح. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية