يتساءل المواطنون في الخليج عن مستقبل جماعات الإسلام السياسي لديهم بعد أن تم إسقاط سلطتهم بحركة الجيش والشعب المصري يوم 30 يونيو الماضي. هل يستسلم «الإخوان» للأمر الواقع ويعترفون بالأخطاء التي ارتكبوها أم سيعودون لسابق عهدهم في لعب دور المعارضة وربما اللجوء للعنف والإرهاب والاستمرار في خداع قطاع لا يستهان به من الشعب بأنهم يعملون لصالح الدين؟ التجربة القصيرة لحكم «الإخوان» في مصر التي استمرت لعام واحد جعلت المجتمع ممثلاً بالجيش والسلطة القضائية والأزهر الشريف والقوى المجتمعية المدنية من أحزاب وحركات سياسية تتحرك ضدهم في المظاهرات الكبيرة التي حصلت يوم 30 يونيو الماضي. السؤال الذي نود طرحه كيف ستتعامل دول الخليج ومجتمعاتها مع تنظيمات الإسلام السياسي وتحديداً «الإخوان»؟ هل نحن محصنون ضد تغلغل «الإخوان» وعودة نفوذهم في بلداننا خصوصاً وأن لدينا تجربة تاريخية مُرة معهم؟ فـ«الإخوان» بعد محاولتهم اغتيال عبدالناصر عام 1954، تمت ملاحقتهم وهربت قياداتهم إلى دول الخليج وبقية الوطن العربي، حيث تركز معظم تواجدهم في السعودية والكويت. لا يتسع المجال لاستعراض نشاط «الإخوان» طوال الفترة السابقة لكن ما يهمنا اليوم كيف يمكن لنا في الخليج التعامل مع «الإخوان» بعد أحداث مصر وتونس وليبيا، ناهيك عما يحصل في سوريا ولبنان والعراق؟ دول الخليج حتى الآن غير متفقة على أسلوب وسياسة موحدة ونهج واحد للتعامل مع جماعات الإسلام السياسي بشكل عام و«الإخوان» بشكل خاص .. لا يختلف أحد بأن دول الخليج كلها متفقة على اتخاذ موقف موحد ضد «الإخوان» وغيرهم من حركات سياسية إذا تعرض الأمن الداخلي لأي دولة للخطر، والدليل على ذلك دعم دول الخليج للخطوات التي اتخذتها دولة الإمارات ضد المتآمرين على أمنها. المواقف السياسية لدول الخليج غير واضحة ومتباينة، فدولة قطر مثلاً لديها موقف واضح بدعم «الإخوان» وثورات «الربيع العربي» في كل من ليبيا ومصر وتونس. ولا نعرف للآن هل تتغير هذه السياسة بعد وصول الأمير الشاب للسلطة في قطر؟ السعودية والإمارات لديهما موقف واضح برفض أي نفوذ لـ«الإخوان» في بلدانهم والمنطقة، لكن موقف الكويت غير واضح. فهي لاعتبارات داخلية بحتة لديها تعامل مع «الإخوان» في أكثر من موقع، فهم مشاركون في الحكومة لوقت قريب، كما أن «الإخوان» مهيمنون على أكثر من وزارة ونقابة عمالية وطلابية والتزمت الحكومة موقف الصمت تجاه أنشطة الإخوان بجمع التبرعات لأنشطتهم المختلفة رغم حقيقة أن «الإخوان» معارضون للحكومة والتزموا بموقف المعارض والمقاطع للانتخابات الأخيرة التي جرت في الأسبوع الماضي. دول الخليج العربية رغم موقفها المعلن ضد «الإخوان»، فإنهم يدعمون «الجيش السوري الحر» الذي يهيمن عليه «الإخوان» و بعضها سمح لمنظمات المجتمع المدني والديني لجمع التبرعات لسوريا. هل دول الخليج فعلاً قلقة على أمن بلدانها من تزايد نفوذ «الإخوان»؟. في الخليج ثمة تردد وتخوف من اتخاذ موقف واضح من «الإخوان» إلا في قضايا الأمن والدليل على ذلك هو عدم اكتراث دول الخليج بقضايا تسيس الدين وأسلمة القوانين و«دروشة» المجتمع في بعض الدول. فما دام «الإخوان» لدى البعض لا يشكلون أي تهديد مباشر للأنظمة ستبقى العلاقة بين الطرفين مرتبطة بتطور الأحداث في الدول العربية ومدى انعكاسها على دول الخليج. وبمعنى آخر من سينقذ ويدافع عن مدنية الدولة في الخليج هو الشعب المصري والتونسي والليبي وغيرهم. د. شملان يوسف العيسى