قام مركز «باريت الدولي للقيم» المتخصص في استطلاعات الرأي بشأن القيم المجتمعية، بالتعاون مع «مركز دبي للإحصاء» ومؤسسة «وطني الإمارات»، بإجراء دراسة مسحية للرأي العام في عدد من الدول، اهتمت باستطلاع آراء المشاركين حول طبيعة العلاقة بين أفراد المجتمع الذي يعيشون فيه، وتوجهات كل منهم نحو بقية فئاته، وكذلك توجهاتهم بشأن القضايا الاقتصادية والاجتماعية المحيطة بهم. وقد أظهرت نتائج هذه الدراسة أن دولة الإمارات العربية المتحدة تحتل المرتبة الثانية عالمياً ضمن أدنى مستويات الطاقة السلبية المجتمعية بين 18 بلداً شملتها الدراسة، حيث بلغت الطاقة السلبية المجتمعية في الدولة نحو 12 في المئة فقط، بينما كانت النسب لدى سكان الدول المتقدمة، كالمملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة، هي: 59 في المئة و57 في المئة و56 في المئة على التوالي، ناهيك عن بلوغها نسباً تتجاوز 72 في المئة في فنزويلا و63 في المئة في آيسلندا و60 في الأرجنتين في الأرجنتين. هذه النتائج الإيجابية، والمرتبة المتقدمة التي تحتلها دولة الإمارات على المستوى الدولي، تحمل العديد من الدلالات، والتي من أهمها، أولاً، أنه رغم أن الدولة تستضيف على أراضيها عدداً كبيراً من الجنسيات، بما يعنيه ذلك من تعدد وتنوع كبير في الثقافات والعادات والتقاليد، فإن هذه الجنسيات بتنويعاتها المختلفة تعيش معاً في انسجام تام داخل المجتمع الإماراتي. ثانياً، هذا الانسجام بين ذلك العدد الكبير من الجنسيات ذات الثقافات المتنوعة يعكس مدى قدرة المجتمع الإماراتي على إيجاد الأرضية الثابتة للتعايش السلمي والآمن وتطوير الآليات اللازمة لضمان سلاسة العلاقات وانسيابيتها بين أفراد المجتمع، بمن فيه من المواطنين والمقيمين بمختلف تصنيفاتهم. ثالثاً، أن التعايش السلمي والآمن والانسجام التام بين هذا العدد الكبير من الجنسيات والثقافات في المجتمع الإماراتي، مؤشر على سيادة قيم السلام بين جنبات المجتمع، ودليل على أن الدولة لديها من الآليات الثقافية والاجتماعية ما يجعل من قيم السلام ثقافة جامعة يعيها ويدركها الجميع. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن نتائج الاستطلاع المذكور أظهرت بالفعل أن الإمارات هي الدولة الوحيدة التي تحتل فيها قيم «السلام» مقدمة القيم العشر الأولى التي يؤمن بها المجتمع، وقد عبَّر عن ذلك ما يقدَّر بنحو 87 في المئة من المشاركين في الاستطلاع من دولة الإمارات. وقد عززت هذه النسبة قدرة دولة الإمارات على تجاوز بلدان العالم المتقدم، سواء فيما يتعلق بانتشار هذه القيمة بين أفراد المجتمع بشكل خاص، أو الوفاء بشروط الانسجام والتعايش، واختفاء مظاهر الطاقة السلبية المجتمعية بشكل عام، خصوصاً، وأن سيادة هذه القيمة بين أفراد المجتمع هي عامل حاسم في تحقيق الاستقرار المجتمعي. أما الدلالة الرابعة، فهي أن هذه النتائج تؤكد أن المجتمع الإماراتي قد وصل إلى مستوى من النضج والتطور والانفتاح مكّنه من إيجاد مجموعة من القيم المشتركة التي تربط بين أفراده، بما يتجاوز العرق والدين والجنس والثقافة، بل استطاع تحويل تلك القيم المختلفة إلى سبب للثراء والتنوع، والاستفادة منها كأحد عوامل التطور والنمو، وتحقيق مستويات أعلى من الانفتاح على الثقافات والمجتمعات الأخرى، والتعامل معها بإيجابية وفاعلية، والانتقال من طور المجتمعات المتأثرة إلى طور المجتمعات المؤثرة والفاعلة. ـ ـ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.