لم يعتزم النظام الديمقراطي الأميركي للحكومة قط أن يعمل بمستويات متطرفة من الولاء والعداوة الحزبيين التي اتصفت بها سنوات أوباما- وهو ما لم يسبق له مثيل منذ السنوات التالية مباشرة للحرب الأهلية. وهذا يشرح إلى حد كبير سبب عدم قدرة أوباما الذي فاز فوزاً مبيناً بالرئاسة مرتين على إقرار قائمة أولوياته في الكونجرس. وعلى كل حال، لم يسيطر «الجمهوريون» إلا على إحدى غرفتي الكونجرس أثناء السنوات الخمس التي شغل فيها أوباما المنصب. واستطاع ريجان «الجمهوري» أن ينجز الكثير رغم أن «الديمقراطيين» سيطروا على مجلس النواب طوال فترة رئاسته. لكن في كل قضية رئيسية، بدءاً من زيادة الإنفاق على الدفاع إلى تقليص الضرائب، كان لريجان حلفاء في الحزب «الديمقراطي»، ولا يستطيع أوباما أن يعتمد على صوت «جمهوري» واحد في أي شأن حيوي أمام مجلس النواب ولديه قلة في مجلس الشيوخ بخلاف مسألة الهجرة. حتى نيكسون في حضيض مراحل رئاسته، كان لديه دعم من المعارضة لبعض أجزاء من قائمة أولوياته أكثر مما لدى أوباما حالياً. هل هذا خطأ أوباما؟ هل نفّر أسلوبه «الجمهوريين»؟ هل لم يعدل قائمة أولوياته بما يكفي؟ هل عدل قائمة أولوياته؟ مثل تقليص الضرائب على الطريقة «الجمهورية» ثلث حوافزه لعام 2009. وخطته للرعاية الصحية كانت إلى حد كبير بديلاً «جمهورياً» لخطة هيلاريكير. واستجابته، للانهيار العالمي للأوراق المالية جعل أسواق الأسهم ترتفع بشدة ولم يرسل بالعاملين في وول ستريت إلى السجن- رغم أن واحداً على الأقل قد يكون في طريقه إلى هناك. وخطته في الهجرة قريبة الشبه جداً من خطة بوش الابن. وبالتأكيد، لو أن شخصاً أكثر خبرة من داخل واشنطن، كان قد أصبح رئيساً عام 2009- مثل جو بايدن أو هيلاري كلينتون- لكان من الممكن الحصول على المزيد قليلاً من أصوات «الجمهوريين»، لكن ليس ما يكفي لتغيير المفردات الرئيسية في قائمة أولويات أوباما. وبالتأكيد، أساء أوباما التصرف بشدة أحياناً. وخطابه عن المنحدر المالي الأخير أي أن السماح بالحراسة القضائية سيكون كارثة على البلاد واتضح أن هذا غير صحيح. وتم تبرئة الجمهوريين الذين زعموا أن هناك ما يكفي من المال في كل وكالة لتحمل أول جولة من تقليص الإنفاق دون انتشار المعاناة. لكن هذه تفاصيل صغيرة من القصة. معظم المسؤولية – وإمكانية التقدم- تقع على عاتق الجمهوريين خاصة في مجلس النواب. (توصل عدد من الأعضاء الجمهوريين البارزين في مجلس الشيوخ إلى حل وسط بشأن الهجرة). ولم تلحق حركة حزب الشاي التي لا تمثل حزباً ثالثاً لكن عناصر محافظة شعبوية داخل قاعدة الحزب «الجمهوري» الهزيمة بأي «ديمقراطي»، لكن تدخله في الانتخابات البرلمانية «الجمهورية» الأولية أطاح بالكثير من «الجمهوريين» من مقاعدهم. وتشير بوادر مبكرة إلى أن المتطرفين يسيطرون على صناعة القوانين- وحتى على قائمة أولويات الحزب «الجمهوري»- في الكونجرس. في منتصف تسعينيات القرن الماضي. بدأ رؤساء مجلس النواب «الجمهوريون» في اتباع قاعدة هاستيرت التي سميت على اسم رئيس المجلس دينس هاستيرت. وتقضي القاعدة بأن قيادة الحزب «الجمهوري» في مجلس النواب لا تسمح بتقديم مشروع قانون لم يحظ بدعم الأغلبية في الاجتماع الجمهوري. كان من الممكن اعتبار الأمر تحذيراً مبكراً عن تطرف القاعدة الشعبية التي تحكم السياسات «الجمهورية». تخيل رئاسة ريجان لو أن «الديمقراطيين» قد تبنوا نفس القاعدة. فما كان لأي من مفردات قائمة أولويات ريجان أن تجتاز الاختبار. وكان من الممكن أن يتم تذكر ريجان بأنه رئيس فاشل. وهذا هو التحدي الحقيقي الذي يواجهه أوباما- وهو تحد لم يواجهه أي رئيس أميركي آخر. إنه مستوى برلماني لمعارضة رسمية تقريباً في نظام رئاسي لا يمكن أن يعمل دون تعاون من حزب معارض. جيرمي ماير أستاذ مساعد بمدرسة الساسة العامة في جامعة جورج ماسون ينشر بترتيب مع خدمة « كريستيان ساينس مونيتور»