الذي حدث مع سفارة الإمارات وبيت سفيرنا لدى ليبيا في 24 يوليو الماضي من اعتداء عندما أطلق مجهولون قذيفة هاون، والذي حدث أمام سفارتنا في العاصمة المصرية القاهرة يوم 30 من الشهر الماضي من اعتصام لبعض مؤيدي «الإخوان المسلمين» اعتراضاً على تأييد الإمارات لتغيير الرئيس المصري السابق محمد مرسي، يدل على أن الذين لا يريدون خيراً بالعلاقات الإماراتية مع الشعوب العربية فقدوا أعصابهم ولم يعودوا يحتملون موقف الإمارات الصريح والشفاف من حق الشعوب في العيش الكريم وفي الحرية. الموقف لم يقتصر على ليبيا ومصر فقط، ولكن بالنسبة لنا فإن أي هجوم على الإمارات، سواء بالخطاب الإعلامي الصاخب أو بالسلاح، يبعث إلينا برسالة ونحن نقرأها جيداً، مفادها أن الذين تعودوا خداع المواطنين بالشعارات والأصوات العالية لم يعودوا يستطيعون الوقوف أمام القوة «الناعمة» التي تتبعها الإمارات، والمتمثلة في الأسلوب الإنساني الذي يبقى في الذاكرة الشعبية طوال الوقت؛ باعتبار أن تلك القوة أسستها شخصية خالدة لها مكانتها في قلوب أبناء الشعب العربي بأكمله، وهو المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي أحيينا ذكراه الأسبوع الماضي؛ لذا فإن الأساس قوي. لو أن الذين لم يدخروا جهدهم الفاشل في تخريب العلاقة استذكروا ما فعله الشيخ زايد، وحشدوا قوتهم ناحية وضع الخطط لإيجاد الاستقرار والأمن والأمان في بلدانهم باعتبارها أحد أسباب جلب الاستثمارات الدولية، وأعدوا خطاباتهم الإعلامية لمقتضيات التنمية وتحقيق مبادئ الثورات الشعبية، لكانوا قد كسبوا احترام شعوبهم قبل شعب الإمارات، بل إن شعوبهم كانت ستتعاطف معهم بدلاً مما يفعلون الآن من توسيع دائرة الكراهية عليهم والسخط مما يفعلونه مع الإمارات المعروفة بمواقفها. المنطق الذي تتعامل به الدبلوماسية الإماراتية مع الذين يحاولون تشويه علاقاتها، سواء في الداخل الإماراتي أو في الخارج، مبنيٌّ على أنه من غير المحبذ أن تقتل خصمك طالما أنه مُقْدم على الانتحار وإنهاء حياته بنفسه، والذين يحاولون المساس بتلك العلاقة يفعلون ذلك تقريباً. فالذين يعتقدون أنهم يشوهون صورة الإمارات إنما يشوهون مواقفهم ويزيدون الكراهية تجاههم، ولدينا الكثير من الدلائل والبراهين على محبة الشعب العربي لدولة الإمارات. المستفيد الأول من حملة تشويه الإمارات في هذا الظرف هم من ينتمون إلى تيار الإسلام السياسي؛ لأن أفعال الإمارات المبنية على العقل والمنطق هي التي فضحتهم. وبالتالي سحبت الإمارات البساط من تحت أقدامهم، وأصبح صوت الشعوب في كل دولة هو الأعلى، وعبَّر في مواقف كثيرة عن تقديره لسياسة الإمارات، سواء عبر ما يُكتب في وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال القيام باعتصامات مضادة تحت بند «رد الجميل»، حتى وهم في بلدانهم، بل إن الجالية المصرية في الإمارات أصدرت بياناً ضد موقف أحد قادة «الإخوان». ولو أردنا أن نقرِّب الصورة، فإن دوافع الهجوم والاعتصامات هي أن المستفيد من تخريب هذه العلاقة بدأ ينفضح أمام الرأي العام، وأن قوته بدأت تنهار بعد العديد من المواقف الإماراتية لتوضيح الصورة الحقيقية. ويعتقد هؤلاء أن تسميم أجواء العلاقات بين الشعوب العربية والإمارات تخدمهم، ويتجاهلون متعمدين أنها تفتح الباب لأن يعرف الشباب حقيقة مواقف هذه التيارات من مفهوم الدولة الوطنية، على اعتبار أن هجوم ليبيا لا يعني أنه بعيد عما يحدث في مصر أو من خلال حالة التشويه الإعلامي في اليمن. ليتهم قبل محاولتهم العبث بالعلاقات العربية العربية قدّموا لنا مثالاً واحداً على خدمة شعوبهم في أي مكان في دولهم على الأقل، ليس لتشويه من يسعى لكرامة الإنسان، ولكن من أجل تصحيح صورتهم أمام مجتمعهم، ولكي يوضحوا أنهم يسعون لبناء الدول وليس لتدميرها، وأنهم حريصون على الاستقرار المجتمعي كما تسعى الإمارات، باعتبارها أبسط الطرق لهزيمة أي محاولة لشق الصف الداخلي. الهجوم على سفارة الإمارات لن يغير من موقفها الداعم للشعب العربي إلى أن يستعيد حريته ووطنه الذي اختطفته قوى سياسية لا ترى في الأوطان إلا مكاناً للفوضى، والإمارات على قناعة بأن هذه الأفعال الرخيصة هي تشويه لمن يقومون بها، والدليل حالات الاعتراض المجتمعية والنخبوية ضدها. ليس في بالي مناقشة ما فعلته الإمارات مع الدول العربية كي تجد دعماً من الشعوب التي تقف في وجه من يحاول الإساءة إلى دولة الإمارات، ولكن عندما نطالب الآخرين بأن يكسبوا الرهان فلا بد أن يكون ذلك من خلال تقديم الأفضل لشعوبهم لتقف معهم عندما يضعون خططهم التنموية التي تسعى للنهوض، باعتبار أن هذا هو التحدي الأكبر. وإذا كانت قناعة الإمارات بما تقدّمه من منطلق أنه واجب عربي وإنساني عليها، فإن فشل مخططات المخربين دليل على أن تركيزهم ليس على التنمية، وإنما الانقضاض على السلطة وتخريب المجتمع من خلال السلوكيات اليومية لهم. منطق الإساءة إلى دولة الإمارات بدأ يفرض نفسه بعد صعود تيارات الإسلام السياسي إلى السلطة في عدد من الدول العربية، حيث لم يعجب تلك التيارات وقوف دولة الإمارات بجانب الشعوب، لكنني أعتقد أن هذا المنطلق لم يكن موفقاً على الأقل؛ لأن المنتصر دائماً كان دولة «الإمارات»، فصورتها كانت السد المنيع للرد على من يسعى للإساءة إليها. لذا فإننا في الإمارات نادراً ما نحتاج إلى رد تلك الإساءة؛ لأن شعب كل دولة كان يسبقنا في رد الفعل بالطريقة التي تجعلنا غير قادرين على الوصول إلى هذه المرتبة في توضيح موقفنا. وفي نظرنا أن ما يسعى له مهاجمونا دليل فشل في تحقيقهم ما هو أفضل لشعوبهم؛ لذلك فالأسهل من وجهة نظرهم هو تخريب التجربة الناجحة بعدما صارت دولة الإمارات نموذجاً عربياً في التعايش والحياة الكريمة. ومن يعمل على تخريب العلاقة مع الشعوب فإنما يسيء إلى نفسه، فالمواطن العربي يعرف من يزايد ومن هو موضوعي!