إطار لـ«تسوية نهائية» بين الفلسطينيين والإسرائيليين... وحدود التغيير الروسي لماذا تُطور اليابان علاقاتها بدول جنوب شرق آسيا؟ وهل تظل علاقة روسيا بالغرب قائمة على مقاربة «الزيت والنار»؟ وماذا عن بنود التسوية المطروحة في المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية؟ تساؤلات نضع إجاباتها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية. دبلوماسية ذكية تحت عنوان «مطلوب دبلوماسية أكثر ذكاء»، نشرت «جابان تايمز» اليابانية يوم الجمعة الماضي، افتتاحية استهلتها بالقول إن رئيس الوزراء الياباني «شينزو آبي»، عاد إلى طوكيو يوم 27 يوليو الماضي بعد زيارته لكل من ماليزيا وسنغافورة والفلبين، وهذه هي ثالث زيارة يجريها لمنطقة جنوب شرق آسيا منذ عودته للسلطة في ديسمبر الماضي، ومن الواضح أنه يعطي أهمية كبيرة لعلاقات اليابان بدول المنطقة. اللافت أنه من الدول الثلاث التي زارها رئيس الوزراء الياباني، توجد دولتان لديهما نزاعات حدودية مع اليابان وهما ماليزيا والفلبين، وثمة احتمال قوي بأن الصين لديها شعور بأن اليابان تسعى إلى تطويقها دبلوماسياً. ومع ذلك يتعين على «آبي» تجنب وضع الصين في عزلة، وبدلاً من ذلك ينبغي عليه تكثيف جهوده للحد من التوترات الثنائية بين طوكيو وبكين، التي نجمت عن نزاع قائم بينهما حول جزر «سينكاكو» الواقعة في بحر شرق الصين. وحسب الصحيفة، لدى اليابان علاقات اقتصادية قوية مع دول جنوب شرق آسيا، ومن المهم تعزيز العلاقات مع هذه الدول، لكن إذا تم تعزير علاقات طوكيو مع دول جنوب شرق آسيا بطريقة تستفز الصين، فذلك قد يسفر عن تداعيات تضر بالمصالح الوطنية اليابانية. وتشير الصحيفة إلى أن نائب وزير الخارجية الياباني زار الصين يوم الاثنين والثلاثاء الماضيين، لكن لا توجد مؤشرات على إمكانية تحسن العلاقات بين الطرفين في القريب العاجل، لذا يحتاج رئيس الوزراء الياباني إلى تكثيف جهوده من أجل بناء علاقات أفضل مع الصين لتحقيق توازن بين هذه الجهود وتلك التي بذلها لتحسن علاقاته مع دول جنوب شرق آسيا. وعندما زار "آبي" إندونيسيا في يناير الماضي عقب زيارتين أجراهما لفيتنام وتايلاند، أفصح عن مبادئ خمسة للدبلوماسية اليابانية في جنوب شرق آسيا، من بينها نشر الديمقراطية الليبرالية وحقوق الإنسان وحماية المحيط الهادئ وجعله مفتوحاً للملاحة لكن من خلال القانون وليس من خلال القوة. وضمن هذا الإطار، قد لا تجادل سوى دول قليلة حول الحرية والديمقراطية، لكن الصين لديها حساسية تجاه هذه الأمور، لذا يتعين على رئيس الوزراء الياباني الأخذ في الاعتبار طريقة تعاطي الصين مع هذه الأمور، خاصة في ظل علاقات ضعيفة في الوقت الراهن بين طوكيو وبكين. وعلقت صحيفة "الشعب" الصينية الناطقة باسم الحزب الشيوعي على مساعي رئيس الوزراء الياباني بالقول إنه «يحاول استدراج دول جنوب شرق آسيا ضمن شبكة لتطويق الصين، وأن آبي غير مؤهل لمناقشة القيم العالمية لأن اليابان ترفض مناقشة ما تسميه الصحيفة "الأعمال الإجرامية"، التي تم ارتكابها في الماضي، في إشارة إلى حقبة الاحتلال الياباني لبعض دول جنوب شرق آسيا». وحول تطوير اليابان لعلاقاتها بدول جنوب شرق آسيا، نشرت «يوميري شيمبيون» اليابانية أول من أمس افتتاحية، أشارت خلالها إلى أن "آبي" أنهى خططاً لزيارة «لاوس» وكمبوديا و"بروناي" في أكتوبر المقبل، وفي حال قيامه بهذه الزيارة، سيكون قد زار جميع بلدان رابطة "الآسيان" في أقل من عام واحد. وتهدف الزيارة إلى تقوية العلاقات الاقتصادية مع هذه الدول وإرسال رسالة للصين التي تستعرض قوتها العسكرية في بحار المنطقة. روسيا والغرب يوم أمس الإثنين، وتحت عنوان «الغرب وروسيا لماذا لا يلتقيان؟» نشرت «ذي موسكو تايمز» الروسية، مقالاً لـ«أليكسي باير»، أشار في مستهله إلى أن روسيا اتجهت صوب الغرب في القرن الثامن عشر الميلادي، لكن علاقاتها بالغرب ظلت متوترة، كما أن الحضارتين الروسية والغربية كانتا أشبه بالزيت والنار. الكاتب وهو محلل اقتصادي روسي مقيم في نيويورك، نوّه إلى أن الروس حُكِموا من مدينة سان بطرسبرج لمدة 200 عام، علماً بأن هذه المدينة مبنية على الطراز الغربي، وتم تخطيطها وفق تصاميم عصر الأنوار الفرنسي. وبعد ثورة 1848 في أوروبا لم تنتشر ما جاءت به من أفكار كالعلمانية والفردانية والتعليم العالمي داخل روسيا، كما أن إلغاء نظام القن (الفلاحين العبيد) في عام 1861 قد قوبل من الفلاحين الروس بالتشكيك، وتم عودة العمل به في المزارع الجماعية السوفييتية بعد 70 عاماً. وبعد عشر سنوات على اندلاع الثورة البلشفية، نجحت روسيا في قلب الماركسية الغربية رأساً على عقب، وحولتها إلى نظام إقطاعي جديد، وجعلت الماركسية متوائمة مع الواقع الروسي، وأغلقت روسيا حدودها، ودخلت في مواجهة مفتوحة مع الغرب. وبعد سقوط الشيوعية عام 1991، فتحت روسيا حدودها وغذّت دستورها بمبادئ غربية ديمقراطية، غير أن الدستور ظل بلا فعالية، وقصة الحب بين روسيا والغرب لم تُعمر طويلاً. وعادت علاقة (الزيت بالنار) مرة أخرى، وسرعان ما تحولت الديمقراطية الروسية إلى أوتوقراطية، وأصبح فلاديمير بوتين قيصراً بحكم الأمر الواقع. ورغم ذلك تغيرت روسيا خلال العقدين الماضيين، وسُمح لملايين الروس بالسفر، والدراسة والإقامة في الخارج، ما جعل الروس يعرفون الكثير عن العالم الخارجي، وسعت روسيا في اتجاه الغرب لتخرج من قرون طويلة من العزلة، ومضت نحو التكامل مع الاقتصاد العالمي من خلال تصدير النفط والغاز واستيراد السلع والمنتجات من الأسواق العالمية، هذا التكامل أنعش النخبة الروسية، وأوجد طبقة وسطى في المدن الروسية الكبرى، ومع طفرة الاتصالات والإنترنت وتنامي القدرة على استقبال المعلومات والأفكار ظهر جيل جديد من الشباب الروسي لديه أفكار مشتركة مع نظرائهم في العالم أكثر من مجايليهم الذين ترعرعوا على ثقافات تقليدية. الآن أصبح القوميون الروس والتقليديون في موقف دفاعي ويحرضون على العنف، ما أدى إلى تدشين تحالف بين المسيحية الأرثوذوكسية والقوميين المتطرفين وما تبقى من الشيوعيين، وهؤلاء يهاجمون الأقليات ويطالبون بمحاكمات لأعضاء حركة «بوسي رويت»، لكنهم يخوضون حرباً خاسرة، وما يقومون به خير دليل على أن روسيا أصبحت دولة غربية. مضمون الحل النهائي وتحت عنوان «مفاوضات الشرق الأوسط أبعد ما تكون عن عملية السلام»، نشرت «ذي كوريا هيرالد» الكورية الجنوبية يوم الجمعة الماضي تحليلاً إخباريا اقتبسته من شبكة «بلومبيرج»، استنتج أن أفضل شيء يمكن قوله بخصوص مفاوضات السلام الفلسطينية- الإسرائيلية هو أننا لا نعرف عنها الكثير. فبعدما استضافت واشنطن المحادثات قبل أربعة أيام، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إن النقاشات الرسمية ستبدأ في غضون أسبوعين. وحسب تحليل الصحيفة، لم يتم الإعلان عن أية شروط، ومن غير الواضح ما إذا كان الجانبان سيبدآن من حيث انتهت جولات تفاوضية سابقة أم أنهما سيبدآن من الصفر، أو من مرحلة وسطى بين الخيارين السابقين. كيري كان ماهراً عندما طلب من الفلسطينيين والإسرائيليين بأن يكون هو المتحدث الرسمي الوحيد للمبادرة التي يطرحها. وكان "كيري" حكيماً عندما أمسك لسانه عن الحديث المتعلق بتفاهمات سابقة تم إنجازها بين الطرفين، كي يقنعهما بالجلوس حول مائدة المفاوضات، فـ"كيري" أمضى ستة أشهر صب خلالها تركيزه على عقد المحادثات. لكن إذا بدأ الإسرائيليون أو الفلسطينيون يسربون ما حدث خلال الستة أشهر الماضية، أو ما جرى خلال النقاشات، فإن ذلك سيكون مؤشراً على أن الطرفين باتا أقل اهتماماً بإحراز تقدم. وثمة ملمح آخر لجولة المفاوضات الراهنة يميزها عن سابقاتها، ألا وهو وضع فترة زمنية قصيرة بنهايتها يتعين إبرام اتفاق، وهي تسعة أشهر، وهو مدى زمني يعكس طموحاً، لأن الجولات التفاوضية السابقة التي تتالت خلال 17 عاماً فشلت في إبرام اتفاق نهائي مثل الذي يسعى وزير الخارجية الأميركي الآن إلى إنجازه. وحسب الصحيفة ثمة أمر سخيف لكنه ينطوي على حقيقة واضحة، ألا وهو أن معايير إبرام اتفاق بين الطرفين يتفهمها كل منهما، وتتضمن: تدشين دولة فلسطينية منزوعة السلاح في الضفة الغربية وقطاع غزة. وأن تعترف فلسطين بإسرائيل كدولة يهودية. وأن تلحق إسرائيل نسبة صغيرة من أراضي الضفة الغربية لاستيعاب المستوطنات اليهودية المجاورة لإسرائيل، على أن يتم تعويض الفلسطينيين بأراض من داخل إسرائيل، وسيتم السماح بعودة عدد محدود من اللاجئين الفلسطينيين كي يستقروا داخل إسرائيل، على أن يتم تعويض بقية اللاجئين. وأن تحصل إسرائيل على نظام إنذار مبكر ضد تعرضها للغزو من جهة الشرق وربما يتطلب هذا وجوداً أميركياً في وادي الأردن، وأن يتم اقتسام القدس. إعداد: طه حسيب