نتمنى أن يشكل فوز حسن روحاني وتسلمه لمهام منصبه إضافة نوعية جديدة، على الحركية السياسية الإيرانية، بحيث يؤدي ذلك إلى تخفيف -والأفضل تجفيف- منابع التوتر مع دول الجوار الإقليمي، مع القيام بمراجعة نقدية شاملة ملموسة لمجمل عملية إدارة الأزمات مع الخارج المجاور وخاصة العربي. فهل سينجح روحاني حيث فشل خاتمي، في إضفاء مسحة عقلانية رشيدة على ما تبقى من «ثورة» إيرانية؟ وهل سيتصالح مع الخارج المتوتر؟ وقبل ذلك مع شعبه وأجياله الشبابية الصاعدة؟! أسئلة تحتاج إلى إجابات عملية (وليس تنظيرية) من روحاني ذاته، ولعل مقبلات الأيام تخبئ لنا أخباراً طيبة على هذا الصعيد، مع أنني أميل للحذر الشديد، لأن السياسة خطوط وموازين وزوايا وألاعيب ومصالح، وليست أخلاقيات مثالية، ولأن طبيعة النظام السياسي الإيراني الذي مر بتجربة منذ أكثر من ثلاثة عقود، ثيوقراطية دينية شديدة الانغلاق المذهبي من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها حيث أوسع القواعد الاجتماعية، وهي لا تزال حتى اللحظة متكورة على مصالحها، وترفض التصالح الحقيقي مع المجتمع السياسي الإيراني، مع عجز بائن في التصالح مع الحياة والعصر. وطالما أن مفاتيح القوة على الأرض هي بيد آيات الله الكبار –وعلى رأسهم «المرشد الأعلى» الديني والسياسي- المرتكزين على نظام قابض على كافة مواقع الثروة والسلطة والعسكر والأمن، وبالتالي آليات صنع وتنفيذ القرار السياسي وغير السياسي، فإن توقعات وآمال التغيير المرتقبة والموعودة في عهد الرئيس الجديد ستبقى –فيما أظن- محدودة للغاية للأسباب الآنفة الذكر... خصوصاً في ظل استمرار وجود قضية عربية هي قضية فلسطين بنت عليها إيران –ولا تزال- مشروعاً وعقيدةً سياسية استثمر فيها النظام الإيراني كثيراً من الثروة والمال والعقيدة والتاريخ العتيق، بحيث بات له (للنظام الإيراني) تواجد ميداني، وقوى محركة مقتدرة وقادرة، على الأرض.. لم تدرك معه السياسة الرسمية العربية حدودَ وطبيعة وآفاق هذا المشروع السياسي الشعبوي –الذي قدم نفسه كمشروع خلاصي مصيري بديل- إلا بعد مرحلة زمنية متأخرة، هي لحظة انكشاف العرب وضعفهم وتشظيهم وانفصاماتهم البنيوية السياسية والمجتمعية العميقة للأسف. نبيل علي صالح باحث وكاتب سوري ينشر بترتيب مع مشروع «منبر الحرية»