في عددها الصادر في 2013/5/11 نشرت مجلة «الأهرام العربي» ملفاً مهماً عن ظاهرة الإلحاد والملحدين، مستعينة بالاستطلاع الذي أجرته مؤسسة «جالوب» الأميركية لاستطلاع الرأي، والذي أشارت نتائجه إلى أن نسبة المتدينين في العالم أصبحت 59 في المئة، وأن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة الملحدين في العالم إذ سجلت 15 في المئة. والأمر الآخر هو التحول الكبير الذي حدث في هذا الخصوص منذ القرن التاسع عشر، سواء في المكان أو النسبة، فبينما كان يعيش 91 في المئة من ملحدي العالم في أوروبا خلال القرن التاسع عشر و9 في المئة ببقية العالم، تحولت النسبة في سنة 2000 إلى 15 في المئة يعيشون في أوروبا و85 في المئة في بقية العالم. وبينما كانت نسبة الملحدين في القرن التاسع عشر تبلغ 1 في المئة من سكان العالم، أصبحت هذه النسبة في سنة 2000 تبلغ نحو 15 في المئة. واللافت في هذا الملف أن الإلحاد تسلل إلى داخل العالم العربي والإسلامي، وبدأ يعلن عن وجوده بقوة، وأصبح الملحدون يتفاخرون بإلحادهم على صفحات «الفيسبوك» والمواقع الإلكترونية ويمارسون ذلك بصورة علنية، وأصبحت لديهم مواقعهم ومجلاتهم الخاصة مثل مجلة «الملحدون العرب» وصفحاتهم الخاصة أيضاً مثل صفحة «ملحدون بلا حدود» وصفحة «أنا ملحد» وصفحة «ملحد وافتخر». وحسب الملف فإن مصر وحدها بها مليوني ملحد، كما أن نسبة 2 في المئة من الشعب العراقي ملحدون. الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام التي يمكن أن تثيرها مثل هذه النتائج والأرقام: لماذا يلحد المرأ في مجتمعاتنا؟ ومن وراء موجة الإلحاد بعد أن سقطت دولة الإلحاد (الاتحاد السوفييتي) ومعها الفكر الشيوعي؟ وهل للتعليم والإعلام والثقافة والانفتاح المعرفي دور في هذه الظاهرة؟ وأين دور الباحثين والكتاب والدعاة في توصيل صورة الإسلام الصحيح إلى عقول الناشئة؟ هل لزيادة الهجوم على الإسلام، والصراع الدائر بين المذاهب الإسلامية دور في ذلك؟ قد نفهم أن يرتد الإنسان عن دينه ويتجه إلى الإلحاد في مجتمع لا يكون فيه للدين مكان، لكن أن يحدث ذلك في مجتمع يمثل الإسلام جوهر عقيدته والناظم لرؤيته نحو الحياة والكون، فالأمر يحتاج إلى تفسير متأنٍّ ومتعمق. إن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، بهما الكثير من الحقائق والأدلة والبراهين التي تقنع صاحب العقل السليم وتملأ قلبه إيماناً ونوراً. والقرآن لم يترك للإنسان أن يضيع أو يتوه عن معرفة الطريق إلى رب العالمين والاستدلال على وجوده. فكم من ملحد رجع عن طريق الإلحاد ودخل الإسلام بعد أن قرأ القرآن وعرف حقيقة آياته؟ وكم من مشرك ترك شركه ودخل الإسلام بعد أن عرف حقيقته؟ كل المفكرين والملحدين عندما تتم مواجهتهم بمنطق الإسلام الصحيح ومنطق القرآن الكريم الذي يخاطب العقل، لا يستطيعون الإنكار، بل إن غالبيتهم يعلنون أن ما جاء به الإسلام هو الصحيح، وأن لهذا الكون خالق هو رب العباد.