مثلما أن للتكنولوجيا الحديثة، خاصة في مجال ثورة الاتصالات والمعلومات، إيجابياتها الكبيرة، فإن لها مضارها أيضاً، وهذه المضار يمكن أن تكون على قيم المجتمع أو أمنه وسلامه الاجتماعي أو صحته أو استقراره وغيرها، لذلك فإن دولة الإمارات العربية المتحدة حريصة على تعظيم إيجابيات «ثورة الاتصالات» وتوجيهها لخدمة التنمية الشاملة والمستدامة وتحقيق الانفتاح الذي تتميز به على العالم، وفي الوقت نفسه تقليل أضرارها والسيطرة عليها ومنعها من أن تتحول إلى خطر على المجتمع أو وسيلة من وسائل تهديد أمنه بمفهومه الشامل. في هذا السياق لفت وكيل وزارة الصحة المساعد للممارسات الطبية والتراخيص في أحد المجالس الرمضانية التي انعقدت مؤخراً، النظر إلى أحد جوانب الخطر التي يمكن أن تنطوي عليها المواقع الإلكترونية فيما يتعلق بالصحة، حيث أكد أنه تم حجب 41 موقعاً إلكترونياً بالتنسيق مع هيئة الاتصالات منذ عام 2010 بسبب ترويجها لمنتجات «طبية» لها تأثيرها السلبي في الصحة العامة للمجتمع، وطالب الجمهور بعدم شراء أي منتجات من المواقع الإلكترونية والاعتماد بدلا من ذلك على الأماكن الموثوق بها من مستشفيات ومراكز صحية وغيرها، وهذا يشير إلى أهمية الوعي الجماهيري بالتعامل السليم مع هذه المواقع ومن ثم تفادي التعرض لما يمكن أن تنطوي عليه من مصادر للخطر. وإضافة إلى ما سبق، فإن نشر الإشاعات الضارة هو أحد مصادر التهديد الخطيرة لبعض المواقع الإلكترونية، فضلاً عن بث قيم وثقافات وأنماط حياة تخالف ثقافة الإمارات وتقاليدها وعاداتها وتراثها الحضاري والديني، وفي بعض الأحيان تتم ممارسة عمليات النصب والاحتيال والغش عبر الإنترنت، وهذا يرتب مسؤولية كبيرة على الأجهزة المعنية بمواجهة مثل هذه السلبيات، وهي تقوم بدورها، سواء عبر الملاحقة المباشرة أو عبر توعية الجماهير وطلب مساهمتها في التصدي لهذا الخطر، لأن دور الجمهور ينطوي على أهمية كبيرة في هذا السياق. إن إقدام الإمارات على إغلاق بعض المواقع الإلكترونية التي تنطوي على ضرر بالمجتمع يقع ضمن صميم حمايتها لأمنها القومي، ولا يتعارض مع توجهاتها الانفتاحية وحرصها على الأخذ بكل ما تنتجه ثورة الاتصالات الحديثة لخدمة أهداف التنمية. ولعل تقرير الأمم المتحدة للحكومات الإلكترونية 2012 الصادر في شهر فبراير 2012 قد عبّر عن هذا المعنى بوضوح حينما أشار إلى أن ترتيب دولة الإمارات العربية المتحدة قد قفز من المركز 99 في مؤشر الحكومة الإلكترونية في تقرير 2010 إلى المرتبة السابعة في عام 2012، وتقدمت من المرتبة 49 إلى المرتبة 28 خلال الفترة نفسها فيما يتعلق بالجاهزية الإلكترونية، وغير ذلك من المؤشرات الأخرى التي وردت في هذا التقرير، والتي أكدت في مجملها أن دولة الإمارات حققت إنجازاً عالمياً في مجال الحكومة الإلكترونية، وهذا يؤكد أن الدولة تحت القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، واعية بقوة لأهمية التكنولوجيا الحديثة في تحقيق التقدم ووضع الإمارات في مكانها الذي تستحقه على خريطة العالم، لكنها في الوقت نفسه واعية بالقدر نفسه لأهمية تفادي أي سلبيات لهذه التكنولوجيا أو مصادر للخطر والتهديد يمكن أن تنطوي عليها. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية