وقف المواطنون الكويتيون يوم أمس السبت أمام صناديق الاقتراع رغم حرارة الجو في هذا الشهر الفضيل لاختيار 50 نائباً من 350 مرشحاً أو أكثر بينهم 8 نساء مرشحات. والسؤال هو: هل هذه الانتخابات الجديدة ستأتي بنواب مختلفين؟ وما هي طبيعة المجلس القادم؟ وما هي نسبة التغير في الأعضاء؟ وهل التغير سيكون للأفضل أم ستبقى الأمور كما كانت عليه دائماً؟ وما هي فرصة حصول المرأة على مقعد في البرلمان الجديد؟ لا نعرف حتى كتابة هذه السطور ما هي نسبة التغير في الانتخابات الكويتية الجديدة، لكن الانتخابات السابقة عوّدتنا على أن تكون نسبة التغير ما بين 40 و50 في المئة، ومن يعود من النواب السابقين يكونون في العادة إما نواب ينتسبون للإسلام السياسي بشقيه السنة والشيعة أو نواب القبائل والخدمات، أما الخاسر الأكبر فهم الشباب الجدد والوطن بشكل عام. فنواب الخدمات الذين يتم اختيارهم من الناخبين، مهمتهم الأساسية هي تذليل العقبات التي تواجه المواطنين من الأجهزة البيروقراطية البالية والفاسدة. وهؤلاء النواب يتجاوزون القانون بأعمالهم، أما نواب القبائل الذين يتهافتون على الانتخابات بأعداد كبيرة فمهمتهم الرئيسية كذلك هي خدمة أبناء القبائل وإيجاد وظائف وخدمات لهم والدفاع عن مصالح القبائل أمام الحكومة. لكن ماذا عن نواب الإسلام السياسي في حال فوزهم؟ إن هؤلاء يؤدون غرضين؛ تقديم خدمة للناخبين، والسعي لأسلمة القوانين. وقد تحالفت الحكومات السابقة مع هذا التيار أملاً في كسب الشارع، ولا يزال التعاون الحكومي مع هذه الجماعات قائماً رغم مقاطعة «الإخوان المسلمين» للانتخابات. ماذا يعني ذلك بالنسبة لمستقبل التنمية والديمقراطية في البلد، ما دام التغير في المجلس الجديد سيكون في الأفراد وليس في النهج أو الطرح أو أسلوب إدارة المجلس في مواجهة الحكومة؟ لقد عانت الكويت ولا تزال من تعثر الديمقراطية فيها، فالتجربة الديمقراطية الكويتية التي امتدت لأكثر من نصف قرن حققت إنجازات كبيرة في مجال الحريات العامة للصحافة والإعلام، لكنها فشلت في تحقيق مجتمع ديمقراطي حديث يؤمن بالديمقراطية كما هي سائدة في دول في الغرب. ومن ذلك مثلاً عدم ترسيخ مفهوم دولة القانون والدستور؛ فالجميع يتكلم عن دولة القانون بمن فيهم أقطاب الحكومة ووزراؤها، لكنهم جميعاً مع النواب هم أول من يخالف هذه القوانين عندما يأتي الأمر بالتعيينات السياسية في المناصب العليا للدولة. الجميع ينتهكون القانون لاعتبارات الترضية وكسب الولاء السياسي على حساب القانون، فالواسطة والمحسوبية والفساد والرشوة... مستمرة ما دام لا أحد يلتزم بمفهوم دولة القانون؛ فالتعيينات تتم حسب الولاء السياسي والانتماء القبلي والعائلي والطائفي، على حساب الكفاءات والعلم والإدارة الجيدة. لا نتوقع مع قدوم المجلس الجديد أن تتغير طبيعة العلاقة بين المجلس والحكومة، لأن الحكومة إذا لم تملك الأغلبية النيابية في المجلس لا تستطيع عمل أي شيء لتمرير القوانين التي تريدها، لذلك فقد لجأت إلى الأسلوب المتبع في معظم برلمانات العالم الثالث، وهو شراء ذمم النواب؛ بمعنى مكافأتهم عن طريق المال أو الصفقات السياسية مع الإسلام السياسي أو القبائل أو غيرها، كما تسهل الحكومة للنواب تعيين أقاربهم وأبناء قبائلهم وطوائفهم وعائلاتهم في مؤسسات الدولة. ما نريد قوله ببساطة هو أن نتائج الانتخابات لا تعني شيئاً ما دامت الثقافة المجتمعية متدنية، فكيف نتوقع نتائج جيدة للعملية الديمقراطية في مجتمع الولاء فيه لا يزال للقبيلة والطائفة؟! د. شملان يوسف العيسى