باتت الهند على أهبة الاستعداد لرفع قدراتها الهجومية على طول حدودها مع الصين بعد أن أعطت الحكومة موافقتها على إنشاء قوة ضرب جبلية نخبوية تتألف من أكثر من 40 ألف جندي؛ حيث أعطت اللجنة الحكومية الخاصة بالأمن موافقتها الرسمية هذا الأسبوع على المقترح، الذي ظل معلقاً لأكثر من سنتين. وتكمن الفكرة في إنشاء قوة ضرب تكون بمثابة وحدة للرد السريع متكاملة ذات قوة جوية للرد على أي تطورات في التضاريس الجبلية لحدود الهند الشرقية مع الصين. وهي ليست استراتيجية دفاعية فقط، وإنما هجومية أيضاً حيث تملك فيالق الضرب القدرةَ على تنفيذ عمليات خارج حدود الهند، في ما وصف بأنه قرار طال انتظاره. وفي وقت يُنظر فيه إلى الصين على أنها تزداد شراسة وتسعى لتحقيق هدفها المتمثل في الصعود إلى الواجهة كقوة عظمى اقتصادية، فإنه من المهم بالنسبة للهند أن تعزز جاهزيتها الأمنية وترعى مناطقها الحدودية المتنازع عليها. غير أن إنشاء هذه الفيالق الجبلية، التي ستألف عموما من بضعة فرق، من المتوقع ألا يكون سهلاً ولا سريعاً؛ إذ يتوقع أن يكلف ما يقدر بـ620 مليار روبيه، كما أنه سيتم على مدى سبع سنوات. وكانت وزارة المالية الهندية وافقت في يونيو الماضي على المقترح القاضي بإنشاء الفيالق التي من المنتظر أن يكون مقرها في ولاية بنغال الغربية مع وحدات في ولايات بشمال شرق البلاد مثل ولاية أروناتشال براديش التي تشترك في الحدود مع الصين. والواقع أن الهند والصين تجتازان فترة جيدة على صعيد العلاقات التجارية، ولكن ليس على صعيد العلاقات الدبلوماسية، ذلك أن البلدين المتنافسين لديهما عدد من نقاط التوتر في علاقاتهما الثنائية بسبب الحدود غير المرسّمة؛ حيث يوجد نزاع حول عدد من المناطق على الحدود التي يبلغ طولها 4 آلاف كيلومتر، واشتعال بؤر توتر على الحدود يعتبر أمراً شائعاً ومألوفاً بين البلدين على طول "خط السيطرة الحقيقة"، الذي كثيراً ما يوصف بالحدود الفعلية. ويُنظر إلى الصين على أنها عززت دفاعاتها على جانبها من الحدود بشبكة أكثر تعقيداً من الطرق؛ حيث تمكنت بكين من إنشاء خمس قواعد جوية تعمل بشكل كامل، وشبكة كبيرة للسكك الحديدية وأكثر من 58 ألف كيلومتر من الطرق على طول الحدود الهندية. وهو مجال يُنظر إلى الهند على أنها متأخرة فيه رغم نواياها الحسنة. خلال السنوات القليلة الماضية، عملت الهند، التي تملك واحداً من أكبر الجيوش في العالم بـ1?3 مليون جندي، على بناء بنيتها التحتية؛ وشمل ذلك إنشاء فرق جبلية خاصة، وشبكات من الطرق الحدودية ومهابط الطائرات التي جلبت نوعا من التغيير في الدينامية. غير أن القرارات الهندية أدت في الواقع إلى تأجيج أكبر للتوترات على طول الحدود. وتأتي الخطوة الهندية الأخيرة أيضاً بعد توتر حدودي محتدم بين البلدين دام ثلاثة أسابيع وانتهى على نحو سلمي، ولكنه ولد تخوفات على الجانب الهندي. الأزمة الأولى بدأت في أبريل من هذا العام، عندما اتهمت الهند فصيلة من الجنود الصينيين بعبور خط السيطرة الحقيقية - الحدود غير الرسمية - ونصب خيامهم على عمق 19 كيلومتراً داخل وادي ديبسانج الذي يقع تحت السيطرة الهندية. وقد تم تفكيك الخيام من قبل الجيش الصيني بعد ثلاثة أسابيع على ذلك؛ وأعقبت ذلك حلقة أخرى بمحاذاة الحدود عندما قامت دورية تابعة للجيش الصيني بإزالة كاميرات كان الجيش الهندي قد ركبها لأغراض المراقبة. وأعاد هذا التوتر في وادي "ديبسانج" المشكلةَ الحدودية، التي لم تكن ضمن المواضيع الملحة ذات الأولوية للبعض ، إلى الواجهة. ومما لا شك فيه أن الاقتصادين الأسرع نمواً في آسيا يتنافسان على تطوير البنية التحتية، كل على الجانب الخاص به من الحدود. وضمن هذا الإطار، من المتوقع أن تكون نخبة الضرب النخبوية التي تم الإعلان عنها حديثا منقسمة إلى فرقتين بجناح جوي تابع للجيش ستكون لديه وحدات لنقل الجنود إلى "خط السيطرة الفعلية". والهدف من ذلك هو تعزيز القدرات الموجودة، ووفق مخططات معروفة، فإن الفيالق ستكون لديها فرقتان من المشاة المدربين على الحرب إلى جانب لواء دفاع جوي ولواءي مدفعية. وإذا كان لواءا المدفعية يمكن أن يبحثا إمكانية إدخال مدافع خفيفة جداً، فإن الكتيبة الجوية يمكن أن تفخر بطائرات هيليكوبتر هجومية ومروحيات "بوينج" الخاصة بنقل الحمولات الثقيلة من طراز "تشينوكس". ولإنشاء الفيالق، سيضطر الجيش الهندي لتجنيد وتدريب الجنود على عمليات في المناطق المرتفعة وإنشاء فرق؛ ولكن محللي شؤون الدفاع الهنود مازالوا يعتقدون أن ذلك يظل غير كاف عند مقارنة مع الصين التي تملك جيشاً أكبر بكثير وقدرات أخرى. غير أن هذه التسللات لا تتم من جانب واحد فقط، فحتى تحافظ على مطالبتها بالمناطق المتنازع عليها، تقوم دوريات الجيش الهندي أيضاً بدخول الأراضي الخاضعة لسيطرة الصين من حين لآخر. ولذلك، فإن خطر اشتعال نزاع بين الجارين العملاقين يظل قائماً ما لم يتم حل النزاع الذي ظل معلقاً لوقت طويل بكل جدية. وإذا كانت الهند تعتقد أن أي مناوشات حدودية يمكن أن تحل من خلال القنوات الدبلوماسية، فإنها تملك أيضاً استراتيجية توأمة تقوم على تعزيز وتقوية جاهزيتها الدفاعية؛ ذلك أنها لا ترغب في أن تكون في وضع تضطر فيه للبحث والاعتماد على دول أخرى لمساعدتها في حال قررت الصين القيام بعمل ضدها.