تُعدُّ المساعدات الإنسانية أحد ثوابت السياسة الخارجية الإماراتية، حيث تحتل الدولة اليوم المرتبة الثامنة من بين أكبر الدول المانحة للمساعدات الإنسانية للسنوات (2009-2012) مقارنة بالدخل القومي الإجمالي، وذلك حسب خدمة التتبع المالي للأمم المتحدة، التي ترصد الاستجابة الدولية للكوارث الإنسانية. وما ثقافة العطاء في المجتمع الإماراتي، إلا استجابة للنهج الذي أرسى قواعده فقيد الأمة المغفور له -بإذن الله تعالى- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، والتي شهدت اتساعاً شعبياً وحكومياً بسبب مبادرات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لتتناغم مع المبادئ التي تبنّتها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، والتي تنص على وجوب تقديم الدول الغنية جزءاً من إجمالي ناتجها القومي للتنمية العالمية، ومساعدة الفقراء والدول النامية على تجاوز الظروف الاقتصادية والمعيشية التي يواجهونها للمضي بخطى أكثر تسارعاً على طريق التنمية والتطور. وتتنوع مساعدات الدولة في أشكالها وأنواعها: لتشمل المناطق المحتاجة، سواء بسبب الكوارث الطبيعية أو الحروب، أو مساعدات التنمية المقدمة للدول الفقيرة في المجالات التعليمية والصحية أو في مجالات البنية التحتية، كمشروعات المياه والطاقة والاتصالات، التي تسهم بدورها في تهيئة المناخ للإنتاج والتنمية والتطوّر، وهناك مساعدات خيرية أيضاً، تحمل طابع الصبغة الثقافية. وقد اتخذ عمل القائمين على تقديم هذه المساعدات طابعاً تخصصياً، يتجه إلى تقديم الدعم في قضايا محددة، حيث إن هناك جهات تخصصت في تقديم الدعم في مجال التعليم، أو الصحة على سبيل المثال. ومن هنا فإن تقديم الدعم الإنساني، يعكس إدراكاً إماراتياً قائماً على مواجهة التحديات الإنسانية الراهنة، التي تتطلب تعزيز مجالات التعاون، وتفعيل آليات الشراكة بين منظمات ومؤسسات المجتمع الدولي وقواه الحية، لمواجهة التحديات الإنسانية التي تهدد حياة ملايين البشر، فضلاً عن تعزيز القيم والمبادئ التي تعارف عليها المجتمع الدولي، ونصت عليها الأعراف والمواثيق الأممية لإنقاذ الحياة وصون الكرامة الإنسانية. ولهذا فإن سياسة المساعدات الإماراتية باتت سياسة عابرة للحدود والعنصريات والحواجز، تتعامل مع بني البشر انطلاقاً من ثقافة مجتمعية تتمسك بالاعتبارات الإنسانية التي أكدتها القيم الإسلامية، والتي بدت من خلال التحلي الرسمي والمجتمعي بروح العطاء، ومد يد العون لإغاثة المحتاج وإجابة السائل. وكذلك فإن من أهم سمات مشروعات الدعم الإنساني الإماراتية النأي عن الأهواء والضغوط، إذ ليست المساعدات باباً لكسب هذا الطرف أو ذاك أو التأثير فيه أو جره إلى مواقف قسرية يتخذها. وتقدم «هيئة الهلال الأحمر» في دولة الإمارات، وهي هيئة وطنية إنسانية تطوعية، نموذجاً مثالياً في تقديم المساعدة والعون لأشد الفئات ضعفاً، من دون تمييز من حيث الجنسية أو العرق أو اللون أو الجنس أو المعتقدات الدينية أو السياسية والفكرية، وتمكّنت من تحقيق منجزات كبيرة على صعيد الإغاثة الإنسانية ومشروعات الإعمار. -------- عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة على مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية