في التاسع عشر من شهر رمضان عام 2004، غاب عن دنيانا قائد فذ صنع التاريخ ليس في دولة الإمارات العربية المتحدة فحسب، وإنما في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط أيضاً، هو المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، لكنه ظل حاضراً لا يغيب بأعماله الخالدة وإنجازاته الكبرى وتجربته الوحدوية الرائدة ومدرسته في السياسة والحكم والتنمية التي لا ينفد إلهامها ولا يخمد إشعاعها، ولا تتوقف أبداً عن العطاء لأنها تأسست على الإخلاص والصدق في خدمة الوطن وتعزيز وحدته ورفعة شأن أبنائه، والدعوة إلى السلام والاستقرار في العالم، ونجدة المحتاج في أي مكان، دون نظر إلى عرقه أو دينه أو جنسه ولونه، وهذا ما عبّر عنه ببلاغة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي بقوله: إن الشيخ زايد، رحمه الله، كان "زعيماً عالمياً للإنسانية وعنوانها" لم يُـرَ مثله في تواضعه وحبه للخير وللناس بمختلف مشاربهم. العظماء لا يموتون، لأنهم يخلدون بأعمالهم التي غيرت مجرى التاريخ في بلادهم أو تاريخ إقليمهم وعالمهم، ومن هؤلاء الشيخ زايد، رحمه الله، الذي وحد الوطن بعد فرقة ونقله نقلة تاريخية على طريق التقدم والتنمية، ولم يأبه بالتحديات والصعاب والعقبات الكثيرة التي واجهته ووقفت أمامه، وإنما واجهها بقوة وحكمة، وتصدى لها بعزم وإصرار، وتعاون مع إخوانه حكام الإمارات، وقاد "مرحلة التأسيس" واضعاً الأسس الراسخة لدولة قوية ومتقدمة ومؤثرة في محيطيها الإقليمي والعالمي. في التاسع عشر من رمضان من كل عام يتذكر الإماراتيون والعرب، بل والعالم كله، الشيخ زايد، رحمه الله، لأنه لم يكن قائداً إماراتياً فحسب، وإنما كان قائداً عربياً وعالمياً أيضاً، بحكمته ورؤيته الثاقبة تجاه قضايا ومشكلات المنطقة والعالم، ودعمه لكل ما يحقق التنمية والاستقرار والسلام على الساحة الدولية، ويعزز التعايش والحوار بين الشعوب، ومواقفه الأصيلة في دعم القضايا العربية ومساعدة الأشقاء في أوقات الأزمات ومساندتهم في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ما جعله في قلوب ملايين العرب من المحيط إلى الخليج، فهم لا يذكرون اسم زايد إلا عنواناً للخير والنجدة ومقروناً بالدعوة له بالرحمة، وبالسكنى في أعلى مراتب الجنان. تسير القيادة الرشيدة، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الذي هو بصدق "خير خلف لخير سلف" على نهج زايد، طيّب الله ثراه، في وضع المواطن في قمة أولوياتها واهتماماتها والتفاعل الإيجابي والمستمر مع متطلباته واحتياجاته، والنظر الدائم إلى المستقبل بطموح لا تحده سقوف، والثقة بالنفس وبالموارد البشرية المواطنة، ومن هنا وصلت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى ما وصلت إليه من تقدم وتنمية وأخذت موقعها المهم على الساحتين الإقليمية والدولية وحضورها الفاعل في العالم كله. في ذكرى غياب القائد المؤسس، يتذكر الإماراتيون التحديات التي واجهها الآباء المؤسسون لدولة الوحدة، ويستمدون منهم العزم والإصرار على وضع الإمارات في مكانها الذي تستحقه بين الأمم، الذي أراده لها الشيخ زايد، رحمه الله، ويأخذون الدرس والعبرة من تجربة ثرية، العالم العربي كله في حاجة إلى الرجوع إليها والاستفادة منها في ظل المشكلات والتوترات والاحتقانات التي يعانيها. ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.