عندما نلقي نظرة على ما حدث، ندرك على الفور أن السفينة «تشونج تشون جانج» لم تكن هي أفضل سفينة يمكن تكليفها بمهمة تهريب الأسلحة عبر الفناء الخلفي لأميركا. كان هناك علم كوري كبير مرسوم على المدخنة الضخمة للسفينة، ذات السوابق العديدة في مجال انتهاك القوانين، والتي كانت تحمل شحنة من الصواريخ وأجزاء طائرة مقاتلة مهربة من كوبا إلى كوريا الشمالية. وإذا ما كانت القصة بأكملها تدل على أن العملية قد نفذت بأسلوب غير احترافي إلى حد كبير، فإن ذلك يرجع إلى أن السفينة نفسها لم تكن مؤهلة لذلك. وفي الوقت الراهن ترسو السفينة في أحد موانئ باناما في حين ينشغل المحققون بالتنقيب عن الأسلحة المخبأة تحت 10 أطنان متري من السكر. بيد أن ذلك لا يدعونا بعد إلى التهوين من شأن كوريا الشمالية كدولة مهربة للأسلحة، ذلك أنه عندما يتعلق الأمر بالتملص من قيود وضوابط تهريب الأسلحة الدولية، فإن الكوريين الشماليين يعتبرون من ضمن الأبرع في ذلك، وفقاً لـ«هيو جريفيث» خبير تهريب الأسلحة في معهد أستوكهولم الدولي لأبحاث السلام. وحقيقة أن أسلحة كوريا الشمالية تظهر بشكل دوري في أماكن مختلفة من العالم، تفيد في التدليل على أن الحوادث اللافتة للنظر مثل حادث السفينة المشار إليها آنفاً، عادة ما تكون بمثابة قمة جبل الجليد. فالشحنات التي تم القبض عليها من قبل دول في مختلف أنحاء العالم تقدم لمحة عن الأسلحة التي ترغب كوريا الشمالية في عرضها للبيع. وفي عام 2011 على سبيل المثال أجبرت الولايات المتحدة سفينة كورية شمالية متجهة إلى ميانمار على العودة إلى الميناء، وقيل وقتها إنها كانت تحمل على ظهرها تقنية صاروخية. وقبل ذلك بعام، اعترضت سلطات جنوب أفريقيا شحنة تحتوي على قطع غيار دبابات «تي-45» و«تي-55» كانت في طريقها إلى الكونغو، وتبين من التفتيش أن الشحنة كانت مرسلة على متن سفينة تابعة لشركة شحن كورية شمالية في البداية ثم تم نقلها -الشحنة- إلى سفينة فرنسية في ماليزيا، وأن البيانات المتضمنة في بوليصة الشحن كانت تعلن أن الشحنة عبارة عن قطع غيار «بلدوزر». وفي إحدى حالات التهريب التي تمت عام 2012 نقلت كوريا الشمالية شحنة متجهة لميانمار عبر سلسلة من المدن الصينية للتمويه على شحنة كان يعتقد أنها تخالف نظام العقوبات الدولية للتجارة في الأسلحة، المفروضة عليها من المجتمع الدولي. وكما يقول «جريفيث» فإن هذا التكتيك -تهريب الشحنات عبر عدة مدن- يعتبر هو التكتيك المفضل لكوريا الشمالية. وإذا ما أخذنا في الاعتبار تاريخ كوريا الشمالية في التهريب فإن القبض على شحنة الأسلحة الأخيرة التي وصفت من قبل كوبا نفسها بأنها عبارة عن «أسلحة دفاعية عتيقة الطراز» ليس سوى قضية تافهة. ويقول «جريفيث» عن تلك الشحنة، إنه كانت هناك عدة طرق يمكن لكوريا الشمالية بها تجنيب السفينة احتمال القبض عليها أهمها تسجيل السفينة في دولة أخرى غير كوريا الشمالية نفسها. وكان يفترض أيضاً أن يعمل المسؤول في السفينة على إخفاء رسم العلم الكوري الضخم على مدخنتها عن طريق الطلاء فوقه. وكل مظاهر الإهمال تلك قادت «جريفيث» للاعتقاد بأن العملية كلها قد جرت على نحو متعجل، حيث كان بإمكان كوريا الشمالية اتخاذ إجراءات عديدة يمكنها بها الالتفاف على نظام العقوبات، وكون المعنيين لم يفعلوا ذلك يشكل دليلاً على أنهم كانوا متلهفين لنقل الشحنة. ------ إلياس جرول - واشنطن ------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»