تخلي أميركا عن «الإخوان»... ونذر حرب داخل المقاومة السورية - مغزى زيارة ويليام بيرنز للقاهرة، والاقتتال بين رفاق السلاح في سوريا، وتغيرات المشهد السياسي، والتداخل بين الأحزاب والنقابات في بريطانيا... موضوعات نسلط عليها الضوء ضمن عرض أسبوعي للصحف البريطانية. الإخوة الأعداء «بانحيازه إلى أطراف فرعية داخل المعارضة السورية المسلحة، فإن ريفكيند يخاطر باحتمال تكرار أخطاء البلقان في سوريا»، هكذا عنون «روبرت فيسك» مقاله المنشور في «الإندبندنت» يوم الأحد الماضي، والذي يتناول فيه الآراء التي أدلى بها «مالكولم ريفكيند»، عضو مجلس العموم ووزير الدفاع الأسبق (عمالي) في برنامج Newsnight الإخباري الذي يذيعه تلفزيون «بي.بي.سي» بشأن الحاجة لتسليح مقاتلي الجيش السوري الحر. ومما قاله ريفكيند: «هناك حاجة لتسليح أولئك الفتية الشجعان التابعين للجيش السوري الحر، الذين يحاربون من أجل الحرية، والديمقراطية، والعلمانية، وكافة الأشياء التي ندعمها في الشرق الأوسط، حتى يكونوا قادرين على مواجهة الدبابات، والصواريخ، وإسقاط الطائرات التابعة لنظام الأسد التي تزوده بها روسيا بسخاء». ويلفت فيسك النظر إلى أن تلك الآراء، والتي يؤسف لها على حد قوله، كونها وردت على لسان وزير دفاع سابق، جاءت قبل يوم واحد فقط من اندلاع حرب داخلية في الجيش السوري الحر نفسه، بين فتية ريفكيند الشجعان، وبين المقاتلين الرهيبين حقاً التابعين لـ«جبهة النصرة « وتنظيم» دولة العراق والشام الإسلامية»، وهي حرب استدعت إلى ذاكرته (فيسك) ليلة كئيبة جرت وقائعها منذ عشرين عاماً، وبالتحديد في 8 ديسمبر 1992 عندما وقف جمع من المراسلين الصحفيين في ليل بلدة بوسنية تدعى «فايتز»، كي يناقشوا مدى الحاجة لقيام «الناتو» والأمم المتحدة بالسماح للبوسنيين بالحصول على أنواع جديدة من الأسلحة المتطورة كي يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم أمام دبابات وصواريخ وطائرات الصرب، الذين كانوا هم أيضاً - شأنهم في ذلك شأن جيش الأسد الآن- يتلقون شحنات أسلحة سوفييتية سخية من تلك التي يستخدمها الجيش اليوغسلافي. وبينما هم منهمكون في المناقشة إذا بريفكيند الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع البريطاني آنذاك، يأتي واقفاً على ظهر عربة مدرعة كي يلقي كلمة أمام جنود قوة بريطانية أممية مشتركة، يتحدث فيها عن الحرب الأهلية في البلقان- رغم حقيقة أن بريطانيا كانت قد اعترفت بزعيم البوسنة في ذلك الوقت علي عزت بيجوفيتش- ويقول في كلمته إن إقرار السلام في البوسنة سوف يحتاج لنشر 100 ألف جندي لفترة طويلة. ويذكر فيسك أنه كتب في ذلك الوقت يقول إن كلمة وزير الدفاع البريطاني كانت عبارة عن «مأساة كاملة»، وأن ذلك هو نفس الوصف الذي سيستخدمه مرة ثانية لوصف مضمون كلام ريفكيند عن تسليح طرف ضد طرف آخر داخل المعارضة السورية، لأن ذلك التسليح سيؤدي حتماً إلى اقتتال داخلي ونزيف دماء بين تلك الأطراف السورية، يمكن أن يطال قتل القادة، كما حدث الأسبوع الماضي عندما أقدم أعضاء من تنظيم «دولة العراق والشام الإسلامية» على قتل كمال حمامي، أحد كبار القادة الميدانيين للجيش السوري الحر، في إطار صراع بين الطرفين للسيطرة على مواقع نفوذ حاكمة. مشهد سياسي متغير «سياسات الطلة الجديدة ستتمكن من شق طريقها ولكن بتكلفة عالية»، كان هذا عنوان افتتاحية «الديلي تلجراف»، في عددها ليوم الجمعة الماضي، والتي أشارت فيها إلى الاقتراح المقدم بزيادة رواتب أعضاء البرلمان البريطاني بنسبة 11 في المئة، والذي قوبل بالدهشة وعدم التصديق، ليس من قبل الناخبين وإنما من قبل الأعضاء ذاتهم. وترى الصحيفة أنه رغم أن الاقتراح المقدم من «جمعية المعايير البريطانية المستقلة» ينطوي على بعض النقاط الإيجابية، ليس أقلها حل المشكلة المتعلقة بمكافآت أعضاء البرلمان مرة واحدة وللأبد، إلا أنه لن يجد طريقه إلى التبلور في نظرها. فـ«إد ميليباند»، زعيم حزب العمال و«نيك كليج» زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار، المتلهفان إلى تسجيل مواقفهما مبكراً، قالا إنهما لن يستلما الزيادة المقترحة في الرواتب، حتى إذا ما تم إقرارها. هذا بينما حاول رئيس الوزراء، كاميرون، أن يكون أكثر دهاءً وأقل مباشرة من دون جدوى، لأنه- كما تقول الصحيفة- لن يستطيع مقاومة إغراء نفس الخط. هذا عن موقف الأحزاب الكبيرة، أما موقف الأحزاب الصغيرة في البرلمان فيختلف عن ذلك كثيراً. فأحزاب مثل الحزب القومي الأسكتلندي، وحزب «بليد كايمرو» الويلزي القومي، وحزب الخضر، والتي تعكس قدراً أكبر من التنوع في المشهد السياسي البريطاني، بعد أن ظل ذلك المشهد مقصوراً لفترة طويلة على حزبي العمال والمحافظين، حيث كانت نسبة التصويت للحزبين في بداية عقد الخمسينيات من القرن الماضي تصل إلى 96 في المائة، ولم تتجاوز تلك النسبة في الانتخابات الأخيرة الثلثين، ترى الصحيفة أن الحزبين يجب أن يستغلا انتخابات «ديفون» المحلية القادمة استغلالاً إيجابياً إذا ما أرادا زيادة نسبة قبولهما. أما الأحزاب الصغيرة التي اتخذت لها طلة جديدة، فإن نجاحها في تحقيق الأهداف التي تصبو إليها سوف يتوقف لحد كبير على استعدادها لزيادة الإنفاق على تلك الطلة وتحمل الأكلاف الباهظة اللازمة لاجتذاب كبار المليارديرات أو زعماء الاتحادات العمالية التي تضم في عضويتها أعداداً كبيرة، أو الاكتفاء بدلاً من ذلك بنمط عمل يتناسب مع مواردها المحدودة. جسارة ميليباند «إصلاحات إد ميليباند سوف تكون مكلفة وعدم التغيير سوف تكون تكلفته أكبر»، هكذا عنون «آلان جونسون»، وزير الداخلية الأسبق (عمالي) مقاله المنشور في «الإندبندنت»، يوم الأحد الماضي، والذي تناول فيه موضوعاً يحظى باهتمام كبير في بريطانيا حالياً، وهو قدرة الاتحادات النقابية على التأثير على الأحداث والتطورات داخل حزب العمال عن طريق أعضائها الذين يدفعون رسوماً نظير الانضمام للحزب كأعضاء اتحاد «يونايت» مثلاً، والذين آثروا الاستمرار في دفع الرسم السنوي للعضوية وقدره 3 جنيهات استرلينية نظير الحصول على مزايا حزبية مثل عضويتهم في الفروع المحلية للحزب وممارستهم لأنشطة دعائية في إطار الحملات الانتخابية للحزب، مثل توزيع المنشورات، وزيارات منازل الناخبين، والقيام بكافة الجهود الروتينية التي لا تحتاج لتخصص، والتي تساعد على انتخاب أعضاء مجالس حزب العمال، وأعضاء كتلته البرلمانية. وأشار الكاتب إلى المذكرة التي قدمها ميليباند لإصلاح نظام العضوية، والتي تنم عن شجاعته وقدراته القيادية، يمكن أن تحول العلاقة الحرجة بين الحزب واتحادات العمال إلى ميزة بدلاً من أن تكون عيباً ونقيصة، كما أظهرت وقائع مثل تلك التي حدثت في مدينة فالكيرك الأسكتلندية حينما تم تسجيل أعضاء اتحاد «يونايت» كأعضاء في حزب العمال من دون إحاطتهم علماً بذلك. مغزى الزيارة تحت عنوان «محاولة الولايات المتحدة لحل أزمة مصر لا تحقق الغرض منها»، كتب روبرت تايت، مراسل «الديلي تلجراف» في القاهرة تقريراً عن زيارة نائب وزير الخارجية الأميركي ويليام بيرنز للعاصمة المصرية، حيث حاولت واشنطن من جانبها التدخل لحل الأزمة المحتدمة هناك حالياً. يقول تايت إنه رغم التقاء بيرنز بالرئيس المؤقت عدلي منصور، ورئيس وزرائه حازم الببلاوي ووزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة المصرية الفريق عبد الفتاح السيسي، فإن محاولته لتهدئة الأوضاع وحل الأزمة لم تحقق المراد منها، وذلك بعد أن أصر «حزب العدالة والتنمية»، الذراع السياسي لـ«الإخوان المسلمين»، على أن يكون اللقاء مع ببيرنز في ميدان رابعة العدوية، بحسب جهاد حداد الناطق الرسمي باسم الحزب، فرفض الأميركيون ذلك بسبب عدم اطمئنانهم على النواحي الأمنية. وأشار المراسل في معرض التدليل على فشل الاتصال بين الأميركيين و«الإخوان» وعدم نجاح الزيارة بالتالي، إلى الانتقادات اللاذعة التي وجهها «الإخوان» للولايات المتحدة، وكان من ضمنها ما قاله المتحدث الرسمي باسمهم ونصه: «رغم أني لن أذهب للقول بأن الولايات المتحدة هي مَن هندس ذلك الانقلاب، فالمؤكد أنها أعطت الضوء الأخضر للقيام به، بدليل إعلان نائب الوزير الأميركي عن الاستمرار في تقديم المعونة العسكرية للجيش المصري». وأشار المراسل إلى ما جاء على لسان الوزير من إشارات وتلميحات تفيد بأن أميركا تؤيد الوضع الجديد في مصر، مثل قوله إن مصير المصريين يقرره الشعب المصري نفسه، وإن التطورات الأخيرة في مصر توفر لها فرصة ثانية لتحقيق أهداف ثورتها التي انحرفت عن طريقها تحت حكم «الإخوان». إعداد: سعيد كامل