يمثل إصدار لائحة الموارد البشرية للجهات الاتحادية المستقلة في دولة الإمارات نقلة نوعية على طريق التنمية المستدامة، التي يعتبر تطوير وترسيخ البنى التنظيمية المتطورة واحداً من شروطها الأساسية. يأتي اعتماد مجلس الوزراء في دولة الإمارات لائحة الموارد البشرية للجهات الاتحادية المستقلة رسمياً مؤخراً، ليعطي الضوء الأخضر لجملة من النشاطات الرامية إلى دفع عجلة التطوير الإداري وترسيخ ركائز التنمية المستدامة في الدولة. ولئن بدأت هذه النشاطات بطلب الهيئة المعنية من الجهات الاتحادية المستقلة لاتخاذ الاستعدادات الكفيلة بوضع اللائحة موضع التنفيذ بعد انقضاء مهلة أولية تبلغ 90 يوماً من تاريخ صدور القرار، فمن المتوقع أن يتواصل العمل الدؤوب على هذا الصعيد حتى تصبح المؤسسات الاتحادية المستقلة التي ينطبق عليها القانون الجديد ويربو عددها على 30 مؤسسة، جزءاً لا يتجزأ من الكيان التنظيمي الشامل للمؤسسات الإماراتية. هكذا، يعتبر توحيد الأسس والقواعد الناظمة لعمل الموارد البشرية في الحكومة الاتحادية في طليعة الأهداف التي يسعى القانون الجديد إلى بلوغها، كما قال معالي حميد القطامي، وزير التربية والتعليم، رئيس الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية. ومن شأن هذا التوحيد أن يمهد السبيل لتحقيق الدرجة القصوى من الانسجام والتفاعل البنّاء بين كافة الجهات المعنية ويساعدها على توظيف الكفاءات والخبرات بالطريقة الأمثل وعلى نحو يتسم بالمرونة. ولاشك أن ذلك سينعكس إيجابياً على المؤسسات وعلى أدائها برمته، لاسيما أن العمل وفق طرائق وسبل موحدة يؤدي إلى رفع درجة الإنتاجية ويعزز الكفاءة، كما يفتح الباب على التنافس النزيه بين المؤسسات المختلفة وصولاً إلى نجاحات أكبر وعطاءات أشد غنى وتنوعاً على كافة الصعد. واللائحة التي تشتمل على 14 فصلاً تتعلق بالتعريفات وتخطيط الموارد البشرية، وأنواع التوظيف والتعيين والإعارة ونظام إدارة الأداء والمكافأة والترقيات، بالإضافة إلى فصل خاص بالتدريب والتطوير والمهمات الرسمية وتذاكر السفر، ستقدم الحل الناجع للصعوبات التي كانت إدارات الموارد البشرية تواجهها جرّاء «وجود جهات مستقلة ليس لديها تشريعات تنظم عمل الموارد البشرية»، حسبما أفادت عائشة السويدي، وهي المدير التنفيذي لقطاع سياسات الموارد البشرية - بالإنابة. ويتجلى في اللائحة طموح لا حدود له لبلوغ أعلى درجات الكفاءة والإنتاجية من خلال التشديد على وجوب اختيار الموظف الأفضل لشغل الوظيفة التي تتلاءم مع خبراته وإمكاناته، بمعنى الشخص المناسب في المكان المناسب. والإصرار على معاملة الجميع، من مرشحين محتملين لوظيفة معينة، سواء من داخل المؤسسة المعنية أو من خارجها، معاملة متساوية، وإتاحة فرص متكافئة أمامهم، من شأنه أن يمكّن المؤسسة ذات العلاقة من انتقاء الشخص الأكثر كفاءة ومهارة. وبوسع المرء أن يرى بوضوح شديد في اللائحة، الحرص على بناء الإنسان بالطريقة المثلى، فمن توفير فرص التدريب والتأهيل اللازمة للمواطن كي يبدع، مروراً بالعمل على صقل المهارات وترقية الكفاءات، فالاستثمار المناسب للكفاءات في المكان المناسب، فإن هذا كله يجعل اللائحة أداة مهمة في تنفيذ محور رئيسي في استراتيجية الحكومة الاتحادية، كما يجسد أحد المرتكزات الأساسية لدولة الاتحاد المتمثل في أن بناء الإنسان الناجح شرط لابد منه لبناء الدولة الناجحة. ــــ ـــــــ ـ ـ ـ ــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.