إذا كان لدى أوباما أي خطة خروج لائقة من أفغانستان، فالأمر المؤكد أنه يبقيها طي الكتمان. فمحاولة البيت الأبيض الأخيرة لإطلاق محادثات سلام مع "طالبان" في الدوحة، قطر، انتهت بفشل ذريع. بعد ذلك، وفي الأسبوع الماضي، بدأ البيت الأبيض يروج مرة أخرى لفكرة أنه سيتبع ما يعرف بـ"الخيار الصفري" في أفغانستان، الذي يقصد به أن واشنطن لن تترك أي قوة رمزية وراءها في ذلك البلد، بعد خروج قواتها عام 2014. إذا كانت هذه هي خطة الخروج الأميركي الجديدة، فإن هذه الخطة سيكون مآلها الفشل حسبما اعتقد. البعض يقول إن الترويج لـ"الخيار الصفري" هو التكتيك الوحيد المتاح أمام الإدارة الأميركية للضغط على الرئيس الأفغاني حامد كرزاي، وجعله أكثر تعاوناً مع واشنطن. يقول آخرون إن تسريب الخبر يعكس رغبه أوباما العميقة في غسل يديه من أدران المستنقع الأفغاني برمته، وأن هذا التكتيك يمكن بالفعل أن يتحول لسياسة أميركية. وقد سألت "رايان كروكر" وهو واحد من كبار الدبلوماسيين الأميركيين، وسفير سابق للولايات المتحدة لدى أفغانستان عن رأيه بشأن هذا الأمر. وكان غضب كروكر محسوساً بوضوح في رنة صوته عندما رد عليّ قائلاً: إذا كان ذلك تكتيكاً، فإنه سيكون عملًا غير متعقل، أما إذا كان استراتيجية فسيكون إجراما". وأضاف كروكر:"ليس هناك شيء آخر يمكن أن يشجع "طالبان" أكثر من هذا. علاوة على أن الباكستانيين الذين يشجعون "طالبان" سيتشبثون بموقفهم أكثر، كما أن هذا الأمر يمكن أن يجعل كرزاي يمضي في اتجاه مختلف جد الاختلاف عن الاتجاه الذي يراد له السير فيه". "إن ذلك يستدعي ذكريات بدايات التسعينيات" الكلام لا يزال لـ"كروكر" الذي يشير إلى تلك الفترة التي تخلت فيها الولايات المتحدة عن أفغانستان، بعد انسحاب الاتحاد السوفييتي من ذلك البلد تاركةً وراءها دولة فاشلة تحولت فيما بعد لملاذ للإرهابيين. وأضاف "كروكر"، سيبدو الأمر وكأننا نقول للأفغان لقد تعبنا وقررنا العودة للوطن ... اذهبوا للجحيم". وأنا اتفق مع "كروكر" في كل ما قاله، ولكن من الواضح أن الأميركيين قد سئموا من الحرب الطويلة والمكلفة في أفغانستان، وأن أوباما لم ينجح في التدليل على صواب فكرة البقاء المستمر للقوات هناك، علاوة على أنه ربما كان يعتقد أن التكلفة الاستراتيجية والسياسية للخيار صفر ستكون ضئيلة. وإذا كان يفكر على هذا النحو، فهو مخطئ لا شك في ذلك، فإبقاء وجود عسكري ( 10 آلاف جندي تقريباً) في أفغانستان أمر ذو أهمية رمزية أكثر من كونه مجرد أعداد من الجنود، لأن المهمة الأساسية لتلك القوة ستنحصر في تدريب الأفغان وتقديم المشورة لهم، بالإضافة وهو الأهم أنها ستمثل رمزاً للالتزام الأميركي طويل الأمد باستقرار هذا البلد. أما موقف أوباما المتردد حيال المسألة، فيذكرنا بالقول المأثور:"أن تقرر ألا تقرر، فهذا في حد ذاته قرار". وخطورة ذلك ترجع إلى أن الأفغان قد بدؤوا بالفعل بمجرد الترويج للخيار الصفري يتخذون قراراتهم استناداً على اعتقاد مؤداه أن أوباما يرغب بالفعل في هذا الخيار. ترودي روبن محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. انترناشيونال»