تداعيات عزل الرئيس مرسي مازالت لم تتبلور بصورتها النهائية، إلا أن السقوط الكبير لحكمه شكّل زلزالا لجماعة «الإخوان المسلمين» على المستوى الدولي، فاجتماع قيادات الجماعة في تركيا هو أحد هذه التداعيات، وما سُرّب من تصورات لمواجهة الموقف يشكل علامة على ترابط خلايا «الإخوان». وهناك بعض النقاط التي يجب تدارسها بين الفرقاء المعارضين للجماعة؛ أولاها أن الجماعة تعتمد التضليل في تعاملها مع الجماهير؛ فهي تخلط الدين بالسياسة ودائماً ما تتهم من يعارضها بالعداء للدين، فتستخدم مصطلحات كالعلمانيين والليبراليين وغيرهما لإضعاف خصومها. وهذا التكتيك لم يعد فاعلا في الوضع الحالي، إلا أن مهادنة بعض النظم السياسية للإسلام السياسي هو أحد أهم عثراتنا نحو بناء الوعي المجتمعي. فالمطالبة لا تعني نفي أو إقصاء «الإخوان المسلمين»، فهم حركة سياسية بالدرجة الأولى وليست دعوية، وعليهم أن يفصلوا بين السياسة والدين وأن يكفّوا عن الخلط الممنهج في تسويقهم لأهداف التنظيم. أما نظم الحكم فعليها مسؤولية نحو إيجاد أرضية جديدة لبث الوعي بين كافة الشرائح، لكوننا نقدر ونحترم الإسلام المتسامح، ومن ثم ينبغي تعزيز مؤسسات مثل الأزهر وجامعة الزيتونة وغيرها من مؤسسات علمية تدعم الفكر المتسامح. وفي بعض دولنا مُنح «الإخوان» وبقية الحركات الدينية، مساحات واسعة وتسهيلات كبيرة، بل تم تمكينهم حتى من مناهج التعليم تحت شعار «الإسلام هويتنا»؛ فالهدف نبيل إلا أن طريقة تسويقه لشبابنا شابها الكثير من الشوائب والمخاطر التي عززت وجود «الإخوان» وباعدت بين المذاهب الإسلامية. لذلك فالدول مطالبة بالقيام بواجبها التنويري وليس الإقصائي. ومن المآخذ الكثيرة على الجماعة، تخطيطها للسيطرة على الشارع في دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ وفق التسريبات فإن هناك وثائق تؤكد أن «الإخوان» كانوا يهدفون لتفجير الساحة الإماراتية بالتعاون مع أطراف إقليمية، وأن هناك اتصالات هاتفية رُصِدتْ تؤكد نوايا الإضرار بدولة الإمارات العربية المتحدة. ولعلنا هنا نثير قضية حيوية بين دول مجلس التعاون، والتي يفترض منها التنسيق في سياستها وليس الإضرار بأي دولة شقيقة، إلا أن ظلامية الموقف تثير شبهات حول الشفافية في العلاقات بين الدول. دولة الإمارات العربية المتحدة لا تسعى لإقصاء أي طرف، إلا أن تهديد أمنها الوطني هو بمثابة تهديد لدول مجلس التعاون ككل، وهذا الملف تجب مناقشته بكل شفافية بين الدول الأعضاء، لأن الأمن الوطني هو بالدرجة الأولى أمن الدول والشعوب. كنا دائماً نردد أن الاتفاقيات الأمنية يجب ألا تتوجه نحو نظم الحكم بقدر ما تتوجه نحو حماية الأمن الوطني الذي يضمن سلامة النظم والشعوب معاً. والقضية التي ينبغي أن تثير اهتمام حكومات دول الخليج العربي هي ما أثير حول الدفع الأميركي بالجماعة باعتبارها الحليف الجديد؛ إذ وفق الوثائق المسربة فإن جماعة «الإخوان المسلمين» أعطت ضمانات لأمن إسرائيل والمصالح المرتبطة بها، وهذا بحد ذاته يشكل أحد الخروقات لدستور الجماعة يجب كشفه أمام العامة، حيث يتضح أن «الإخوان» يستخدمون شعارات زائفة يروجونها لنشر أفكارهم. إن السلام مع الدولة الإسرائيلية مطلب عربي، كما هو مطلب عالمي، والولايات المتحدة تعي أن التوجهات العربية نحو السلام حقيقية، لكن إسرائيل تعيق تحقيق السلام في المنطقة.