يوم السبت الماضي تعرضت مجموعة من جنود قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام العاملة في دارفور، لكمين أدى إلى مقتل سبعة من الجنود التنزانيين وإصابة سبعة عشر آخرين. ووصف قادة قوات الأمم المتحدة ذلك الهجوم بأنه الأخطر الذي تعرضت له القوات الدولية. وقال بيان صحفي صادر عن المتحدث باسم قوات الأمم المتحدة إن الجماعة التي هاجمت القوات الدولية، ضمت عدداً كبيراً من المقاتلين، واستعملت أسلحة ثقيلة. وفي بيان منفصل، قال متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إنه أرسل تعازيه لأسر ضحايا الهجوم الذي وصفه بالغادر، مُذكِّراً بأنه الثالث الذي تتعرض له القوة الدولية في دارفور خلال الأسابيع القليلة الماضية، وقال البيان: «إن أمين عام الأمم المتحدة ينتظر أن تقوم حكومة السودان باتخاذ الإجراءات السريعة ضد المعتدين وتقديمهم للعدالة الناجزة». ولم يصدر أي بيان أو تعليق من حكومة السودان أو حكومة دارفور، كما لم تعلن أي من الجماعات المسلحة المعارضة للحكومة، والغاضبة من «تراخي» الأمم المتحدة حيال دارفور، علاقتها بالهجوم. وكان مراقبون وخبراء قاموا بدراسة الوضع في دارفور، بتكليف من الأمم المتحدة، وتوقعوا في تقريرهم أن تصبح القوة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي «هدفاً لبعض الجماعات المسلحة». إن الوضع في دارفور يتصاعد، وأزمة المجاعة والاضطراب الأمني ينذران بعودة الصراع بين الحكومة ومعارضيها المسلحين في الإقليم إلى مربعه الأول، رغم الادعاء بأن الوساطة القطرية وصلت إلى حلٍ لمشكلة دارفور، وبأن الحرب قد انتهت وأن السلطة الجديدة برئاسة الدكتور التيجاني السيسي، قد وضعت خطتها للتنمية، وأن المانحين والدول الصديقة التزموا بالوفاء بتعهداتهم، وأن السلام والأمن والحياة الطبيعية التي افتقدها أهل دارفور طوال السنوات العشر الماضية، كل ذلك سيعود، كما سيعود النازحون. كل تلك الأماني والأحلام التي يحملها كل سوداني قلبه على وطنه، ستذهب هباءً، لأنه لا مشروع سلطة التيجاني السيسي ولا مشروع النخبة الإخوانية الحاكمة وبعض المرتزقة السياسيين من أبناء دارفور، لا يحقق أي منهما الهدف الحقيقي الذي من أجل تحقيقه حملت القوى السياسية الجديدة في دارفور السلاح ورفعته في وجه نظام «ثورة الإنقاذ». إن المجتمع الدولي مشكوراً أنزل في دارفور قوات عسكرية وشرطية وصل عددها، إلى جانب المراقبين المدنيين، واحداً وعشرين ألفاً وخمسمائة فرد. هذه القوات التي صدر قرار مجلس الأمن بإرسالها إلى دارفور تحددت مهمتها في «حماية المدنيين في دارفور والمساهمة في توفير الأمن للعاملين في تأمين العون الغذائي والطبي... إلخ». وقد صحبت قرار المجلس بتأسيس القوة المشتركة (الأفريقية الدولية)، مجهودات للمصالحة الوطنية والاتفاق على تطوير أحوال حقوق الإنسان في دارفور. والآن، فإن القوات الدولية المكلفة بحماية المدنيين قد أصبحت هي نفسها بحاجة لحماية. وفي إحصائية موثقة فإن عدد من قتل من قوات الأمم المتحدة والمتعاملين معها من المدنيين، بلغ مائة وخمسين فرداً. هذا بينما بقيت وتيرة الصراع القبلي في ارتفاع، وهنالك تقرير يحذر من أن بعض الميليشيات التابعة للحكومة، والتي شملها اتفاق وقف إطلاق النار، قد عادت لحمل سلاحها والدخول في السباق نحو الحرب. إن دارفور وأهلها ضحايا السياسة الفاشلة والرؤية السياسية العاجزة لسلطة «الإنقاذ».