مع حلول شهر رمضان المبارك، تبدأ المجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم شهراً من التفاني في العبادة والاستزادة من التوعية حول دينهم والاغتراف من نفحات وبركات هذا الشهر الكريم. ويتذكر المسلمون أيضاً أولئك الذين يرزحون تحت أغلال المعاناة وشظف العيش في جميع أنحاء العالم، كما أنهم يسعون إلى وضع حد لقوى الكراهية التي تؤدي إلى ارتكاب العنف ضد الناس من كافة الأديان والمعتقدات. إن الروح الرمضانية يمكن أن تكون بمثابة قوة إيجابية لجمع الناس معاً، وتذكِرة قوية للإنسانية المشتركة التي يتقاسمها الناس جميعاً. فالمسلمون يجمعون التبرعات لمساعدة المحتاجين في جميع أنحاء العالم. والمنظمات الطلابية في جامعات الولايات المتحدة تقيم فعاليات رمضانية يصوم خلالها الطلاب من جميع الأديان معاً، وذلك لإبراز التضامن ولجمع التبرعات المالية لصالح الأعمال الخيرية. وفي السنوات الأخيرة، عانت الجاليات المسلمة من أوصاف مسيئة تحض على الكراهية وواجهت أعمالا تحريضية. وقد أعلن التحالف الأميركي بين الأديان رفضه القاطع لمثل هذا التعصب البغيض. وهذه الخلفية هي ما تجعل من الأنباء الواردة عن إطلاق الدراما التلفزيونية «خيبر» خلال شهر رمضان المبارك في بعض البلدان الإسلامية أمراً يثير دواعي القلق على نحو خاص. وفي أجزاء من العالم الإسلامي، يُعد شهر رمضان وقتًا تتمتع فيه البرامج التلفزيونية الخاصة بنسبة عالية من المشاهدين. وفي حين تسعى هذه الدراما الجديدة إلى تقديم سرد تاريخي حول مرحلة من السيرة النبوية الشريفة، وحول البلدة اليهودية التي كان يطلق عليها «خيبر»، يقول منتج هذا العمل «إن الهدف منه هو كشف الحقيقة العارية عن اليهود والتأكيد على أنهم لا يمكن الوثوق بهم». وطبقًا للأنباء الواردة، فسوف يركز المسلسل الدرامي أيضاً على الخصائص الاجتماعية والاقتصادية والدينية لليهود، بما في ذلك السياسة والمؤامرات وكيف يقومون بالسيطرة والهيمنة على الأسباط والعشائر والمجتمعات. وبدلا من التركيز على جهود النبي صلى الله عليه وسلم لإقامة علاقات سلمية بين الطوائف الدينية، فهذا المسلسل التلفزيوني يفعل على العكس من ذلك تماماً. وهو يقوم بذلك في وقت يواجه فيه عدد من الجماعات الدينية، بمن فيهم المسيحيون، التمييز والعنف في البلدان التي سيُبث فيها هذا المسلسل. إن المجتمعات التي يعتريها الغضب من جراء الأوصاف السلبية تجاه الإسلام، يجب أن تندد بهذا الجهد المفرّق بين الناس والمعادي للسامية. وعليهم أن يفهموا أيضاً أن هذا النوع من البرامج يمثل في نواح كثيرة كذلك إساءةً إلى المسلمين وإلى الإرث النبوي العظيم. وفي حين أن إجراءات الرقابة ليست هي الحل الأمثل، إلا أنه يجب على المجتمعات أن تتقدم لمواجهة مثل هذه الإساءات بآراء أكثر استنارة، وذلك لمنع انتشار الصور النمطية وإفشاء روح الكراهية بين الناس، والتي يمكن أن تنزع صفة الإنسانية عن مجموعات كاملة من البشر. وقد سبق لي أن انضممت في شهر مايو الماضي، إلى أئمة من مختلف أنحاء العالم، حيث قمنا بزيارة إلى معسكري الموت «آوشفيتز» و«بيركيناو» النازيين. وفيما كنا نقوم بجولة في المنطقة مصدومين من الفظائع التي شهدناها، علّق أحد الأئمة قائلا: «سواء في أوروبا اليوم أم في العالم الإسلامي، فإن دعوتي للبشرية هي: ضعوا نهاية للعنصرية لوجه الله، وضعوا نهاية للتحيز الجنسي لوجه الله، فما مضى يكفي». إن مواجهة إنكار المحرقة النازية بحق اليهود هو خطوة مهمة، ولكن يجب أيضاً بذل الجهود لضمان خلو الكتب المدرسية والبرامج التلفزيونية في العالم الإسلامي من كل الأفكار والأوصاف التي تنزع صفة الإنسانية عن جماعة دينية بعينها، والتي تولّد التعصب والكراهية. وعند القيام بذلك، يجب أن تخطو الأصوات الصادقة والشجاعة إلى الأمام، خاصة خلال شهر رمضان المبارك، للتنديد ليس فقط بالرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن أيضاً بالمسلسل التلفزيوني الذي يستخدم السرد التاريخي المتحيز حول حياته كواجهة لزرع بذور الفرقة والانقسام والكراهية. رشاد حسين المبعوث الأميركي الخاص إلى منظمة التعاون الإسلامي