لا أحد يستطيع تحديد موقف واضح ودقيق للحالة المصرية التي تعبر نفقاً لا يسمح برؤية المشهد بكافة تفاصيله. كما أن «حرب» المصطلحات قد دارت رحاها منذ بداية تجمع المليونيات المطالبة برحيل الرئيس المعزول محمد مرسي! فهنالك من يرى أن المليونيات جاءت عبر إغراءات المؤسسة العسكرية. وهي «انقلاب» على الشرعية الدستورية! وهنالك من يرى أن خطاب مرسي الأخير كان هو المسمار الأخير في نعش الدستورية! حيث استخدم عبارات غاضبة استفزت مشاعر غير المنتمين لتيار «الإخوان المسلمين»، وهدّد باستخدام القوة والعنف (أنا أو الفوضى)! وهذا ما يمكن اعتباره من هفوات الرئيس المعزول الذي مضى على حكمه حوالي العام دون أن تهدأ البلاد. وفي ذات الخطاب كرر الرئيس المعزول أيضاً كلمة «الشرعية» أكثر من 70 مرة. «لا أسمح بأن يخرج علينا من يهز الشرعية.. هذا مرفوض.. أنا مستعد أن أبذل دمي رخيصاً من أجل الشرعية». وتم الاستدلال بتلك العبارات لغير صالحه، وبأنه كان يلمّح إلى العنف ضد شعبه. وكان مما قاله في ذلك الخطاب «احذروا من الإساءة للجيش.. لأنه رصيدنا.. لا تواجهوا الجيش.. ولا تستخدموا العنف ضده». ويبدو أن الرئيس لم يقرأ الأوراق جيداً.. إذ بعد يومين كان الجيش يمسك بمقاليد الأمور ويدعم المعارضة! والمعارضة «السابقة» ترى أن تصحيح الثورة أمر حتمي لوضع خريطة طريق لما بعد ثورة التصحيح في 30 يونيو 2013. وقد جاء التصحيح بعد مهلة الـ 48 ساعة التي حددتها المؤسسة العسكرية للوصول إلى حلول لتلبية مطالب الشعب المصري المشروعة. وكان مما جاء في خطاب عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع والقوات المسلحة: 1- تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت. 2- يؤدي رئيس المحكمة الدستورية القسمَ ويصبح رئيساً مؤقتاً لمصر خلال المرحلة الانتقالية. 3- تشكيل حكومة وطنية. 4- إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. 5- تشكيل لجنة تضم كافة الأطياف المجتمعية والسياسية لمراجعة التعديلات الدستورية. 6- يمنح رئيس المحكمة الدستورية سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال المرحلة الانتقالية. ويرى المحللون المساندون لتصحيح الثورة أن المؤسسة العسكرية تشكّل «بيضة قبان» الثورة. وهي تمثل الكرامة المصرية بعد «فشل» الرئيس المخلوع في دعم الديمقراطية وتركيز كل السلطات في يده. مع عدم نجاحه في النهوض باقتصاد البلاد المترنح. وأن ما تم في مصر ليس «انقلاباً»، بل كان إرادة شعبية لتصحيح المسار. وأن المصريين كانت لديهم رغبة في التغيير وقد حصلوا عليها! وقد تابعتُ مشاعر المصريين عبر الإنترنت. وهذه حصيلة أو عينة مما يجول في خواطر بعض المصريين: - انقلاب العسكر في مصر يجعل أدعياء الليبرالية والعلمانيين الذين يدّعون أنهم أصحاب دعوات الإصلاح في الخليج العربي في موقف... (اللهم لا شماتة). - القوات المسلحة تمنع المتظاهرين المؤيدين للشرعية من دخول ميدان رابعة. - في أول دقيقة في عهد «الحرية» بعد استبداد مرسي قطع إرسال كل القنوات الدينية. - علشان لا دي قنوات دين. ولا دول رجال دين.. الله يرحمك يا شعراوي. - الحمد لله رب العالمين طويت صفحة سوداء في تاريخ مصر. - أنا مع الثورة المصرية المجيدة وأؤيدها رغم اعتراضي على أسلوب بعض الثوار، ولكن ما يفعلونه هو رد فعل طبيعي ناتج عن غضبهم بأن مرسي أصلاً لم يكن يصلح للرئاسة. اللهم احفظ مصر وشعبها. - الجيش المصري يثبت للعالم بأن مصر لا يمكن أن يحكمها شخص.... مثل مرسي. - المعارضون لحكم مرسي هم بعض شباب وبنات ليست لهم قيمة في الوجود. - مبروك لكل المصريين.. يا رب يكون أحسن. - سيشهد التاريخ أن القوات المسلحة المصرية هي التي أتمت ثورة المصريين ولولاها بحق لنزفنا أرواحاً كثيرة حتى نحقق هذه الثورة المجيدة. - يا سيسي يا معلم.. خليت الميدان يتكلم. - مين البرادعي.. شو يشكل.. ومين وراه.. أصحوا يا شعب مصر.. أنتم الآن سفينة تعصف بها الرياح. والله يكون بعونكم. - يا إخوان يا مسلمين.. انتوا أبناء هذا الوطن.. لماذا تحرقون الكنائس وتدمرون البلد.. وتضربون إخواتكم المصريين ونحن شعب واحد وأمة واحدة. - أنا بحب السيسي وبحب وطني الغالي مصر.. ويا رب تحفظ مصر من الإرهاب والتطرف.. ويهدي مصر إلى الخير.. يا أحبائي عاوز أوضح شيء مهم لكم.. لو كان الجيش وقف مع مرسي كانت مصر مثلها مثل السوريين بالضبط. - أنا مبسوط جداً جداً باللي حصل. لأن هذا أحسن تعديل لمسار ثورة يناير. لكن عايز أعرف البرادعي موجود بمناسبة إيه؟ الأولوية لشخصيات ثورة يناير لأنها فتحت الطريق للثورة الثانية. وأرجو أن تحترسوا جيداً أن يقفز الفلول على الثورة. وكأنك يا زيد ما غزيت. وبعد. فهذه الآراء المختصرة تؤكد ما أبديناه من أن الأمور ما زالت غير واضحة. وأن كل فريق يؤيد مواقفه. مهما كانت. ويُسفه مواقف وآراء الفريق الآخر. ولكم في الفضائيات الأمثلة الأوضح. وما نتمناه أن تخرج مصر من أزمتها الحالية. ويلتئم شمل المصريين كلهم من أجل أن يساهموا في بناء بلدهم وإرجاعه إلى دوره الريادي في العالم. وهذا لن يحدث في مناخ التشفي و«شهوة» الانتقام. وعلى المصريين كلهم أن ينظروا إلى الأمام ويتركوا الماضي وراء ظهورهم.