حريق الصيف، يكاد يطرد كل من في المدينة نحو ملاذات باردة. أو أماكن خافتة الهجير. ولولا أن رمضان الشهر الجميل المتسلل بعذوبة وتجديد للطاقة والعلاقة الروحانية الصافية، لكانت البلاد خالية. وكأن الشهر الكريم قادم من عذابات حارة، ليطمئن الجميع بأنه الماء البارد، الذي يجعل فرصة الحياة أسهل وأكثر احتمالاً. الصيف فرصة لتجديد الحياة بكل معالمها، لكن هجير المشاكل الممتد على امتداد الوطن العربي، جعل الهرب للداخل العربي مستحيلاً، فلا ملاذ إلا الغرب أو الشرق. ولعل استراحة رمضان تجعل الفرصة أكبر في البحث عن هدوء مدفوع مختلف، خاصة أن إعلانات المسلسلات التلفزيونية تهطل بلا رحمة رغم أن الدراما العربية سقطت منذ زمن طويل في فخ الإسفاف والإطالة والفراغ، وهو أمر ينسحب أيضاً على الدراما الخليجية، التي تحولت بامتياز إلى ظلام دامس مخيف، وكأن كل المجتمع الخليجي يعيش حالة الحزن والسوداوية القاهرة. بالضرورة هناك استثناءات، لكن الحقيقة أن الدراما التركية اكتسحت، ليس لجودتها بالتأكيد، لكن لأن الجمهور صار يبحث عن الجديد وعن الأداء الدرامي البعيد عن الافتعال وعن عمليات التجميل التي حولت كل الفنانات إلى شكل واحد مشترك، وبلا ملامح مميزة لأي منهن. هذه الملاحظة جعلت مصداقية هذه الأعمال، لا تجد صداها لدى الجمهور، وتحولت إلى لغة يصعب فهمها بالنسبة للجمهور العربي بشكل عام أضف إلى ذلك ما يمكن أن توصف به الدراما العربية، فالإسفاف والمضمون الخالي من القيمة الفنية صارا سمة عامة للدراما العربية، إلا ما رحم ربي، والتي يمكن استثناء الأعمال التاريخية ذات المستوى المميز من حيث السيناريو والإخراج. لذلك لم يعد هناك من يعول على استراحة تلفزيونية كما كان سابقاً، فالهرب من الحر، لن يكون بديله الأعمال الفنية، بقدر ما سيكون الهرب من أجل الهرب دون أية تفاصيل. رمضان ساخن، وصعب ولكنه فرصة للجوء إلى زوايا البيت للحصول على استراحة محارب بعد عناء عام كامل. وأينما كانت الوجهة بعد للتحليق والهرب سيكون هناك متنفس آخر، يعطي البعض فرصة لتجديد الرتابة والطاقة، وتجربة جديدة تضيف لرصيد حياتي مهم. أذهب هذا الصيف، فالسفر حالة عالية من المعرفة والخبرة والاسترخاء بجديد الكثير من العناوين العامة، التي يكتظ بها جدول أعمالنا اليومي. أهرب هذا الصيف، وأغلق حواسك عن كل أخبار الدمار والحرائق.