بعد سنوات ثماني عجاف من حكم المتشددين في إيران، يتفق الجميع تقريباً على أن انتخاب روحاني رئيساً جديداً للنظام الإيراني الذي تسيطر عليه المؤسسة الدينية، يعتبر حدثاً لافتاً وعلامة فارقة في تاريخ الدولة الدينية الإيرانية. البعض يعتبر انتخاب «روحاني» بأنه بداية جديدة لتحول طال انتظاره في الفكر الديني المتشدد إلى فكر لدولة منفتحة ومعتدلة وديمقراطية متقبلة لشتى الأفكار والتيارات السياسية. وينظر هؤلاء إلى روحاني بأنه «إصلاحي» سيحاول أن ينحت في الصخر، ويدخل في معارك سياسية واقتصادية كبرى ضد المتشددين المتواجدين وسط المؤسسة الدينية التي يصعب اختراقها وتحيط بالمرشد الأعلى للثورة علي خامئني، وذلك في إطار سعيه نحو تغيير السياسات السابقة المعزولة والسلوكيات، التي أوصلت المنطقة إلى حافة الهاوية في العديد من القضايا الشائكة. وينظر آخرون إلى انتخاب روحاني، وبخاصة المتريثون، الذين ينظرون إلى الأوضاع الداخلية لإيران بعقلانية، من زاوية ضوئية أخرى، ربما مغايرة، ويرون أن التصريحات التي أطلقها روحاني منذ إعلان فوزه بأنها «مشجعة»، ومختلفة تماماً عن تصريحات سلفه المتشددة التي تم إطلاقها خلال السنوات الثماني الماضية. لكن لكي يمكن الحكم على الرئيس الجديد بموضوعية، لابد من الانتظار ورؤية أفعاله التي سيقوم بها، فالحكم على الرجال يأتي من خلال الأفعال وليس الأقوال. وحجة هؤلاء في طرحهم أن الرئيس المنتخب أتى من داخل المؤسسة الدينية، وهو ملتزم بفكرها القائم على احتكارها للسلطة من خلال المبدأ الإثني عشري المعروف حول ولاية الفقيه. من يرى أن روحاني «إصلاحي» يقولون إن تصريحاته التي خرجت حتى الآن منذ إعلان تشريحه لنفسه لكرسي الرئاسة، ومنذ أن فاز بالمنصب فعلاً، أقل راديكالية وأقل استعداء لكافة الأطراف الداخلية والخارجية، وباعثة على تصالحية تجاه الجميع، وأكثر اعتدالاً وموضوعية، وهذه أمور حميدة وباعثة على الأمل بأن القادم من إيران مستقبلاً أفضل بكثير من الذي مضى. وهنا يأتي هؤلاء، لكي يتوقعوا أن الرئيس الجديد سيشكل حكومة جديدة تحتوي على عدد لا بأس من «الإصلاحيين» المعتدلين، خاصة على ضوء اتصالاته ومشاوراته مع الرئيسين السابقين خاتمي ورفسنجاني. وربما يقوم بإدخال عدد من النساء ضمن طاقم مساعديه في أماكن مختلفة. ورئيس إيراني بهذه المواصفات، ربما يشكل أفضل فرصة أمام المجتمع الدولي لكي يجد إصلاحياً كمحاور يقود التفاوض الإيراني مع المجتمع الدولي حول العديد من قضايا إيران الشائكة. ويدفع أصحاب هذه الفكرة بالقول بأنه عبر الحوار والإقناع الهادئ ربما يمكن دفع النظام الإيراني باتجاه وضع حد أو نهاية معقولة للعديد من خلافاته مع المجتمع الدولي، كسعيه لإنتاج القنبلة النووية ووسائل إيصالها إلى أهدافها بعيدة المدى، وتدخله في شؤون دول مجلس التعاون الخليجي خاصة البحرين ودعمه لنظام الأسد ولـ«حزب الله» والمنظمات المتطرفة الأخرى كـ«حماس» و«الحوثيين»، ومواقفه المعارضة لإيجاد حلول سلمية لمشاكل المنطقة، ودعمه للإرهاب في العديد من مناطق العالم، وفوق هذا وذاك رفع الحظر التجاري والمالي والنفطي المفروض على إيران لكي يتنفس أهلها الصعداء. وخاتمة القول إن المجتمع الدولي رحب كثيراً بفوز روحاني وينتظر منه الكثير على صعيد الفعل الإيجابي لتحقيق المصالح الحقيقية لإيران وشعبها.