إن التشابك الكبير الذي يربط قطاع البنى التحتية ببقية القطاعات الاقتصادية، يجعل منه إحدى الأدوات الأكثر فاعلية في بثّ الحيوية في أوصال الاقتصاد الوطني بأي دولة، فهو يرتبط بعدد لا يقل عن 90 صناعة ونشاطاً اقتصادياً آخر، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، حتى أن العديد من التصنيفات تضعه بين القطاعات الاقتصادية القائدة والمحركة للنمو على مستوى الاقتصاد الكلي، وهذا التشابك يزيد التأثير الإيجابي للأموال المستثمرة به، كونها تفتح الباب أمام الأنشطة والصناعات المرتبطة به نحو التوسع والنمو. وانطلاقاً من قناعتها التامة بذلك، تعدّ دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من الدول الأكثر استثماراً في البنية التحتية، وفي تقديرات سابقة لـ«مصرف الإمارات الصناعي» فإن الإنفاق السنوي الإماراتي على هذا القطاع يبلغ نحو 11 مليار دولار، بما يساوي 4.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يزيد على ضعف المعدل المقدّر بنحو 2 في المئة الذي وضعه «صندوق النقد الدولي» كحدّ أدنى للإنفاق على البنية التحتية اللازم لدفع عجلة النمو الاقتصادي بالقدر الضروري لتحقيق التعافي الحقيقي من آثار «الأزمة المالية العالمية». وفي هذا الإطار احتلت دولة الإمارات المرتبة الرابعة عالمياً ضمن التصنيف العالمي وفقاً لـ«المؤشر العالمي للاستثمار في البنية التحتية»، الصادر نهاية عام 2012 عن مؤسسة «إي سي هاريس» البريطانية. هذا الإنفاق السخي ساعد الاقتصاد الوطني بالفعل على معاودة النمو المطّرد في وقت أسرع من المتوقع، وفي السياق نفسه، تأتي الاستثمارات الكبيرة التي تخطط الدولة لتنفيذها في المشروعات الكبرى، سواء في البنى التحتية ذاتها، أو في قطاع الإسكان والإنشاءات، وهذا القطاع الأخير له أبعاد تنموية واجتماعية كبيرة، لا تقتصر على الجانب الكمي المتعلق بالنمو الاقتصادي فقط، بل تمتدّ إلى توفير السكن والحياة الكريمة للمواطنين أيضاً في مختلف مناطق الدولة، في إطار «برنامج الشيخ زايد للإسكان». إن الاستثمارات الكبيرة في قطاع البنى التحتية في دولة الإمارات على مدار العقود الماضية والكفاءة التي وصل إليها قطاع البنى التحتية الوطني، دفعت مؤسسات دولية عديدة كـ «المنتدى الاقتصادي العالمي» و«البنك الدولي» و«مجلس التنافسية العالمية»، وغيرها من المؤسسات، لمنحها مراتب متقدمة على المستوى العالمي وفقاً للعديد من المؤشرات، من بينها «مؤشر جاهزية البنية التحتية والتكنولوجية»، و«مؤشر سهولة أداء الأعمال» و«مؤشر تطور الحكومة الإلكترونية» و«مؤشر التنافسية العالمية»، وهي جميعها مؤشرات تدل على أن قطاع البنية التحتية الإماراتي قد وصل إلى مستوى من التطور والتنافسية حتى أصبح في مصافّ قطاعات البنى التحتية الأكثر تطوراً في العالم، وينافس بل ويتفوق على العديد من القطاعات في الدول المتقدمة. هذا المستوى من التطور، الذي وصل إليه قطاع البنية التحتية الإماراتي والمستوى التنافسي المتقدم له، واستمرار الإنفاق عليه بسخاء، كما سبق الذكر، يتيح فرصاً كبيرة للدولة لتحقيق المزيد من الاستفادة من القطاع في المستقبل، واستخدامه كرافعة للاقتصاد الوطني، بل واجتذاب رؤوس أموال أجنبية كبيرة، سواء للاستثمار في القطاع ذاته أو في القطاعات المرتبطة به، كما أنه يمثّل قناة مهمة لنقل التكنولوجيا والخبرات العالمية إلى الدولة، بما يعود على الاقتصاد الوطني بالعديد من الفوائد. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية