خيارات مرسي محدودة... وأوباما يطرح «مبادرة الطاقة» في أفريقيا ما هي خيارات مرسي في ظل التظاهرات المطالبة بتنحيه؟ وهل يتحلى الفرقاء السياسيون في مصر بأخلاقيات مانديلا؟ وماذا عن مبادرة أوباما تجاه أفريقيا؟ وهل ثمة ثغرة في الاتفاق مع روسيا حول ضبط التسلح؟ تساؤلات نضع إجاباتها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. خيارات مرسي تحت عنوان «إنذار الجيش في مصر»، نشرت «نيويورك تايمز» أول من أمس افتتاحية، استهلتها بالقول إنه بعد أكثر من عامين على إطاحة المصريين بنظام ديكتاتوري مدعوم من الجيش، وبعد أن اختار المصريون- حسب الصحيفة- أول رئيس منتخب بطريقة ديمقراطية، تواجه مصر الآن احتمال حدوث تغيير من قبل الجيش. إنها لحظة خطيرة غير مصحوبة بضمانات بجعل التحول هذه المرة أكثر نجاحاً من سابقه. أول من أمس استجاب الجيش لموجة احتجاجات مناهضة للحكومة وهدد بفرض «خريطة طريق غير محددة» ما لم تتوصل الحكومة والمعارضة إلى حل للأزمة السياسية الراهنة خلال 48 ساعة. الجيش – تقول الصحيفة- لعب دوراً منذ عقود في السياسة المصرية، لكنه انسحب منذ 10 أشهر بضغط من مرسي. ورغم أن كثيراً من مجموعات المعارضة تحث الجيش على التدخل ثانية في المشهد السياسي، فذلك تعتبره الصحيفة انتكاسة كبرى للديمقراطية المصرية. هذا سيفتح على الجيش باباً يزج من خلاله بنفسه وقتما تطرأ أزمة سياسية، ومن المؤكد أنه ستكون هناك أزمات أخرى إذا كانت مصر راغبة في السير على طريق الديمقراطية. ونقلت الصحيفة تعليقاً لأحد مستشاري مرسي، وصف فيه تحذير الجيش بأنه «انقلاب عسكري». هذا التحذير يضع مرسي أمام خيارات محدودة: أن ينهي رئاسته للبلاد، ويجري انتخابات مبكرة، وأن يتقاسم السلطة مع خصومه السياسيين، وتحديداً في منصب رئيس الوزراء، وأسوأ الاحتمالات يتمثل في الصراع على السلطة في الشوارع. لكن من أجل جميع المصريين، تحتاج الحكومة والمعارضة إلى العمل معاً. الفوضى والعنف والغضب دفع الجيش إلى إصدار تحذيره، وهذا في حد ذاته دليل على فشل كل الأطراف في نقل مصر إلى واقع أفضل من أيام مبارك السوداء، خاصة بعد سقوط نظامه في عام 2011. اللوم يقع بالأساس على مرسي ومؤيديه من «الإخوان المسلمين»، فرغم إقصائهم من الحياة السياسية لعقود طويلة، رفضوا التمسك بما يلزم لقيادة أكبر بلد عربي، هم استخدموا الانتخابات في احتكار السلطة وإقصاء الخصوم وتعزيز علاقاتهم مع التيارات الإسلامية المتشددة. لقد فشل «الإخوان» في إحراز أي تقدم سواء في المجال الاقتصادي أو في إطار تحقيق الأهداف الاجتماعية التي يحتاجها المصريون كالأمن والتعليم وكبح جماح التضخم وتوفير الوظائف. ومثل قادة كثر يعانون من مشكلات في المنطقة، يلقى مرسي اللوم أحياناً على مؤامرة غير محددة، وذلك بدلاً من أن يجعل كافة المصريين، وليس فقط الإسلاميين جزءاً من العملية السياسية. وترى الصحيفة أن مجموعات المعارضة أحرزت نجاحاً في حشد الناس في الشوارع ، لكنها لم تحدد رسالة متماسكة، أو تقدم نفسها كقوة سياسية بديلة وفاعلة...وحسب الصحيفة، فإن العنف غير مقبول من الطرفين، ولن يكون ثمة رابح إذا ظلت مصر في حرب مع نفسها. دروس مانديلا يوم الأحد الماضي، وتحت عنوان «بعد التظاهرات ما الذي تستفيده مصر من مانديلا؟» استنتجت «كريستيان ساينس مونيتور» أن التظاهرات الحاشدة الداعية إلى الإطاحة بمرسي تعكس واقعاً يتمثل في أن ديمقراطية مصر الناشئة في حاجة إلى دروس تتعلق ببناء الثقة وإرساء المصالحة. وبمقدور المصريين استيعاب هذه الدروس من الطرف المقابل في أقصى جنوب أفريقيا أي من نلسون مانديلا. الصحيفة ترى أن التظاهرات الضخمة التي شهدتها مصر وضحت أن المجتمع لا يزال منقسماً حول مستقبل ديمقراطيته الوليدة. ويمكن الاستفادة من إسهامات الزعيم الجنوب أفريقي، خاصة التعامل بكرم مع المعارضين، ما ساعد على جلب الحرية وتحقيق المصالحة في جنوب أفريقيا المنقسمة، مانديلا استبدل الكراهية العنصرية باللطف غير العنصري، ولذلك ظفر بالحرية وانتشل بلاده من ربقة القمع. وتناشد الصحيفة، قادة مصر السياسيين باستيعاب جوهر سياسة مانديلا، المتمثل في القدرة على بث الثقة. وتقول الصحيفة: منذ عام 2011، تحولت القضايا السياسية في مصر إلى قضايا شخصية... المتظاهرون يسعون في مصر الآن إلى الإطاحة بمرسي وهذا الأخير يوجه نقداً لمن يخشون من أنه يدشن دولة إسلامية غير ديمقراطية. وحسب الصحيفة، فإن الديمقراطية أمر يتجاوز حكم الأغلبية، والرئيس المصري بحاجة إلى استيعاب ذلك، والديمقراطية لا تعني إقصاء الأقليات، وهي تتطلب كبح دائم للسلطات. مصر لا تزال تفقد هذه العناصر الأساسية. مرسي لا بد أن يعترف بأن من يسعون إلى تطبيق الديمقراطية الكاملة لا يثقون بالطريقة، التي كتب به محازبوه من «الإخوان المسلمين» الدستور الجديد. الرئاسة والقضاء والجيش والمتظاهرون كلهم في ورطة، لدرجة أنه ليس هناك تواصل بينها، غير أن أي إيماءة بالكرم قد يكون لها تأثير كبير، ففي مطلع تسعينيات القرن الماضي التقى مانديلا أرملة الرجل الذي صمم نظام الأبارتيايد، واحتضن فريق «الراكبي» المكون من لاعبين بيض المعروف باسم «سبرينج بوكس» . المصالحة في مصر عاجلة ، مثلما يقول وزير الدفاع المصري، «فثمة حالة من الانقسام داخل المجتمع واستمرار هذه الحالة خطر على الدولة المصرية، ولابد من التوافق بين الجميع». طاقة أفريقيا خصص «مايكل جيرسون» مقاله المنشور يوم أمس في «واشنطن بوست» ، للتعليق على جولة أوباما الأفريقية. الكاتب يقول عُرف عن الرئيس الأميركي قبل أن يجري هذه الجولة عدم اهتمامه بالقارة، وذلك مقارنة بالرئيس الصيني السابق «هو جنتاو» الذي قام بخمس زيارات مكثفة إلى القارة ، بينما أمضى أوباما خلال عام 2009 قرابة 20 ساعة في أفريقيا جنوب الصحراء. ومع ذلك اهتمت إدارة أوباما بميلاد دولة جنوب السودان، ودفعت باتجاه مزيد من الشفافية في المساعدات الأميركية، وجددت واشنطن اهتمامها بزيادة الإنتاجية الزراعية في القارة من خلال مبادرة «إطعام المستقبل». وفي ظل ظروف مالية صعبة، ناضلت إدارة أوباما من أجل الإبقاء على الميزانيات الخاصة بالمساعدات. وقبل خطابه في كيب تاون بجنوب أفريقيا، كان أوباما يفتقر إلى مبادرة تجاه أفريقيا من إعداده ، حيث أشار خلال خطابه إلى مبادرة «طاقة أفريقيا» الرامية إلى مضاعفة عدد الأفارقة القادرين على استخدام الطاقة الكهربائية، وهي مبادرة يمكن اعتبارها استراتيجية وذات بعد أخلاقي. جيرسون توقع مستقبلاً واعداً للقارة في حال حققت المزيد من الاستقرار المصحوب بإصلاح اقتصادي وبأسعار مرتفعة للمواد الأولية، وبتحسن في الظروف الصحية، وبقوة عاملة قادرة على تحقيق نمو اقتصادي هو الأسرع في العالم. ويلفت الكاتب الانتباه إلى زيادة حجم التجارة بين الولايات المتحدة ودول القارة السمراء منذ عام 2000 بمقدار ثلاثة أضعاف. لكن من يسافر إلى مدن أفريقية كلاجوس أو مونروفيا، سيلحظ عقبات أساسية أمام المرحلة المقبلة من التنمية الأفريقية، ألا وهي: طرق وعرة وشبكات صرف سيئة ومصادر طاقة لا يمكن الاعتماد عليها أو غير موجودة أصلاً. كما أن 7 من بين كل 10 أشخاص في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء لا يحصلون على الكهرباء، ما يعني أنه يتعذر على التلاميذ مطالعة دروسهم في المساء، وأن العيادات الصحية غير قادرة على حفظ التلقيحات لمكافحة الأمراض أو عينات الدم في الثلاجات، كما أن البلديات في ظل الافتقار إلى الطاقة غير قادرة على تشغيل مضخات لنقل المياه أو معالجة مياه الصرف. ونوه «جيرسون» إلى أن مبادرة «طاقة أفريقيا»، التي أطلقتها إدارة أوباما تتضمن التركيز على توفير الكهرباء لقرابة 20 مليون شخص في 6 بلدان هي: إثيوبيا وغانا وكينيا وليبيريا ونيجيريا وتنزانيا. شرط «التحقق» في مقاله المنشور يوم أمس بـ«واشنطن تايمز»، وتحت عنوان «الصمت الأميركي قد يضر الأمن القومي»، أشار «مارك شنايدر» المحلل الرئيسي بـ«المعهد القومي للسياسات العامة»، إلى أهمية الالتزام بمعاهدات ضبط التسلح، واستشهد بمقولة لرونالد ريجان كان أدلى بها عام 1982، مفادها أن تراكم الاتفاقيات لا يضمن السلام ، بل إن الالتزام بها هو الذي يعزز السلام.، وإلا فإننا نبنى قلعة من الأوراق سرعان ما تتناثر عندما تهب رياح الحرب. الكاتب يحذر من عدم اهتمام أوباما عندما يدفع باتجاه اتفاقيات روسية- أميركية جديدة لخفض القدرات النووية بالتحقق من تنفيذ اتفاقيات ضبط التسلح. فغياب سياسة أميركية صارمة في هذا المجال سيشجع بعض الدول مثل روسيا على الغش في تطبيق الاتفاقيات. إعداد: طه حسيب