لم تعد البرامج الصيفية التي تطرحها العديد من الجهات الحكومية والأهلية في مختلف إمارات الدولة تلقى إقبالاً كبيراً من طلاب المدارس الذين بدأوا للتو إجازتهم الصيفية. فبعض البرامج الصيفية كانت قبل عشر سنوات تقريباً تستقبل أضعاف الأعداد التي تستقبلها الآن. وبعض المراكز الصيفية لا تكاد تستقبل إلا العشرات، وهي التي كانت في السابق تغلق باب التسجيل لاكتمال الأعداد وعدم القدرة على استقبال طلاب جدد. فهل السبب يعود إلى طبيعة البرامج الصيفية وعدم قدرتها على جذب الطلاب، أم أن هناك مغريات أخرى دخلت على خط اهتمامات الطلاب وبالأحرى سحبت البساط من تحت المراكز الصيفية؟ مع انتهاء العام الدراسي يميل معظم أبناء الجيل الجديد إلى المكوث في المنزل والانشغال بالألعاب الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي التي تسرق أوقاتهم وتبقيهم متيقظين حتى ساعات الليل المتأخرة.. فيما يضيع وقت النهار في النوم وتعويض ساعات السهر. كثير من الآباء يشكون أن أبناءهم صاروا «بيتوتيين» أي ملازمين للبيت أكثر من اللازم. والأجهزة والبرامج الإلكترونية الحديثة كالآيباد وأجهزة الألعاب التفاعلية مثل «البلاي ستيشن» وأخواتها وغيرها من شبكات التواصل الاجتماعي والعوالم الافتراضية، صارت بديلاً عن اللعب الجماعي في الأحياء، أو النزهات العائلية، أو النوادي لممارسة الرياضة والهوايات المختلفة. وتحذر دراسات نفسية وسلوكية عديدة من مخاطر إدمان الأطفال والمراهقين على هذه التقنيات التي غزت معظم البيوت مؤخراً خاصة مع زيادة ساعات استخدام هذه الأجهزة. وفي إحدى الدراسات التي أجريت على أطفال في إحدى الدول المتقدمة بينت الدراسة أنّ الأطفال أصبحوا يقضون سبع ساعات ونصف الساعة يومياً أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية، أي بزيادة ساعة وسبع عشرة دقيقة أكثر مما كان يفعل الأطفال في العمر نفسه قبل خمس سنوات. ومن التأثيرات السلبية لإدمان الأطفال والمراهقين على تلك الأجهزة أنها تسبب السمنة بسبب قلة الحركة والعزلة، وتساهم بشكل كبير في كسل الشخص المدمن والخمول الجسدي والفكري الذي يحدث بسبب الجلوس لساعات طويلة أمام التلفاز. وقد تخلف هذه الألعاب خاصة تلك التي فيها عنف أو حركة زائدة زيادة في توتر الشخص والقلق واضطرابات في النوم. وبصفة عامة فإن المدمنين على هذه الألعاب والأجهزة يخافون من الخروج ولا يشعرون بالأمان، بل يصبحون أنانيين وغير اجتماعيين في تعاملهم مع الجيران والأقارب، ويميلون إلى العدوانية. كما أن الجلوس أمام الكمبيوتر أو شاشة التلفاز لفترة طويلة، قد يجعل بعض وظائف الدماغ خاملة، وخاصة الذاكرة طويلة المدى، بالإضافة إلى إجهاد الدماغ. ومن التحذيرات في هذا الصدد أن الاستعمال المفرط للتكنولوجيا قد يزيد من صفات التوحد والانعزالية والإجهاد العصبي ومرض الرعاش. ليس من الصواب أن يلجأ الآباء إلى حرمان أبنائهم أو منعهم بشكل قاطع من التعامل مع الأجهزة الإلكترونية الحديثة خاصة إذا كان لديهم أقران يستخدمونها، ولكن الأهم هو ضبط الاستخدام «كمّاً» بتحديد ساعات معينة للعب و«كيفاً» بتجنب ألعاب العنف والحركة الزائدة والاعتماد على الألعاب التي تطور المهارات والتفكير. كما أن على الآباء مسؤولية حماية أبنائهم من الإدمان على هذه الأجهزة بشغل أوقات فراغهم في الأنشطة والهوايات خارج المنزل.