أعجبني مقال «الثورات العربية والخيار الكوني»، لكاتبه حازم صاغية، والذي تحدث فيه عن وجهتين لثورات القرن العشرين؛ أولاهما تشمل المرحلة من الثورة الروسية عام 1917 إلى ثورة الخميني عام 1979، وقد اتسمت بثلاث خصائص: رفع العنف إلى سوية الغرض النبيل بذاته، وتوسيع دور الدولة على حساب الأفراد والجماعات، وأخيراً إحكام العزلة على البلد الذي يمسه التحول الثوري وإغلاقه عن العالم الخارجي. لكن نهاية الثمانينيات شكلت ذروة أعظم تحول ثوري كوني تجسد في ثورات أوروبا الشرقية والوسطى ضد الحكم الشيوعي، وتحولات أميركا اللاتينية ضد ديكتاتورياتها العسكرية، وجنوب أفريقيا ضد الآبارتايد. وقد اتسمت بقواسم مضادة: تأكيد السلمية ونبذ العنف، ترشيق الدولة لصالح توسيع هوامش الأفراد والجماعات، إحداث أكبر انفتاح على العالم الخارجي. وبين تينك الوجهتين، يبقى مصير «الربيع العربي» حائراً ومرتبكاً؛ هل يستعيد كوابيس العزلة والتدخل أم ينتسب إلى فضاءات الحرية في مسارها الكوني؟ ضاهر علي -أبوظبي