أتمّت حكومة باكستان المدنية للمرة الأولى بنجاح فترة السنوات الخمس كاملة، ويتوقع أن يصبح نواز شريف، المرشّح لمنصب رئيس الوزراء من حزب «الرابطة الإسلامية» ذات الشعبية الواسعة، رئيس الوزراء المقبل لباكستان. ويشكل إتمام الحكومة الحالية لفترتها في الحكم، ونجاح الانتخابات الأخيرة حدثان مهمان لباكستان، التي بقيت تحت الحكم العسكري لحوالي 40 عاماً من السنوات الست والستين من استقلالها. وإذا أخذنا في عين الاعتبار التاريخ المتنوع للديمقراطية في باكستان، كان هناك في بداية الانتخابات تشاؤماً ضخماً حول ما إذا كان هذا الاستحقاق سيحصل فعلاً. تميّزت الفترة التي سبقت الانتخابات بتردٍّ أمني، وتم إطلاق النار على اثنين من المرشحين وقتلهم. إلا أن الرئيس الباكستاني ولجنة الانتخابات والمحكمة العليا صرّحوا بشكل قاطع أن الانتخابات ستُعقَد في وقتها. ورغم التهديدات التي أطلقتها حركة «طالبان» الباكستانية وغيرها من الجماعات التي تحاول تخويف الناس للبقاء بعيداً عن مراكز الاقتراع، أثبت الباكستانيون أنه لا يمكن تخويفهم بسهولة. ورغم التهديدات والجو الحار الخانق يوم 11 مايو، حضرت نِسَب مرتفعة من الناخبين، مُظهِرة أن الباكستانيين كانوا متلهّفين لممارسة حقهم وسلطتهم الانتخابية، آملين في مستقبل أفضل لباكستان. في السادس من مايو، وعلى برنامج إخباري شعبي على قناة «دون نيوز» الباكستانية، قالت «أسماء شيرازي»، المذيعة التلفزيونية، إن المواطنين يحضرون مهرجانات سياسية في أنحاء باكستان رغم عدد كبير من الهجمات عبر البلاد تتعلق بالانتخابات. وكرّر «حميد مير»، الصحفي السياسي الكبير، الذي يقدم برنامجاً سياسياً يشاهده عدد كبير من الباكستانيين عنوانه «كابيتال توك»، كرّر مشاعر السيدة شيرازي. فقد قام «مير» بزيارة «لاركانا» في مقاطعة في السند، معقل حزب «الشعب الباكستاني»، وسأل المواطنين إذا كانوا خائفين من الخروج إلى المراكز الانتخابية بسبب التهديدات. أجاب العديد ممن قابلهم بِـ «لا». قامت الحكومة، آخذة بالاعتبار أهمية المدينة، وهي معقل الجمهور الانتخابي لحزب «الشعب الباكستاني» ومؤسسه رئيس الوزراء ذو الفقار علي بوتو وابنته بناظير بوتو، بنشر مغاوير الجيش في معظم مداخل المدينة. انتظر الباكستانيون الذين يعانون تحت وطأة انقطاع التيار الكهربائي وتدهور الأوضاع القانونية، والإرهاب والاقتصاد الضعيف، وصبروا لتسير هذه الانتخابات قدماً بأجندة وطنية ديمقراطية تنموية. وبالإضافة إلى التعامل مع تحديات باكستان الاقتصادية، يتوقع أن تركّز تلك الأجندة على استعادة السلام والاستقرار في أماكن مثل مقاطعات باكستان الشمالية، والقانون والنظام في مدن مثل كراتشي. ويعتقد كثيرون أن حزب «الشعب الباكستاني»، الذي يغادر الحكم لم يتمكن من بناء إجماع قوي واستراتيجية وطنية موحدة لمجابهة الإرهاب في باكستان. وكان عدم الرضا بذلك ظاهراً في اتفاق الأحزاب السياسية هذه السنة على إيجاد «استراتيجية وطنية موحّدة» للتعامل مع عمليات إرهابية قتلت ما يزيد على 40 ألف شخص منذ عام 2001. والاختبار الكبير للبرلمان الجديد سيكون فيما إذا كان باستطاعته توحيد الأمة وقيادتها السياسية حول استراتيجية لمجابهة العنف والإرهاب بعد الانتخابات. في هذه الأثناء، أرسلت صفوف الناخبين الطويلة يوم 11 مارس رسالة قوية: بالرغم من التهديدات بالعنف، فإن الشعب الباكستاني سيخرج دعماً للديمقراطية، مرة بعد أخرى. مبشّر أكرم خبير في الاتصال ومدير «مؤسسة بينفو» للاتصالات والبحوث بإسلام أباد ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية