زيارة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لجامعة خليفة، مؤخراً، وإشادة سموه بالمختبرات العلمية في الجامعة، باعتبارها «علامة بارزة ومهمة في مسيرة التعليم العالي في دولة الإمارات، بما تقدِّمه من فرص حقيقية للطلبة في تطبيق النظريات العلمية وتطوير قدراتهم في الإبداع والاستكشاف في مجالات التقنيات والتكنولوجيا»، تنطوي على قدر كبير من الأهمية، لأنها عبَّرت بوضوح عن الاهتمام الاستثنائي للقيادة الرشيدة في دولة الإمارات العربية المتحدة بالتعليم النوعي والعصري، لاسيما التخصصات العلمية والتكنولوجية التي ترتبط باحتياجات سوق العمل، وتخدم اقتصاد المعرفة. لقد شهد سمو ولي عهد أبوظبي استعراضاً لعدد من مشروعات الماجستير، شملت مشروعاً يدرس أسباب عزوف طلبة الثانوية عن دراسة المواد العلمية، ويحاول أن يجد الأسباب والحلول المناسبة لها، ومشروعات أخرى في مجالات الأجهزة الذكية والأقمار الصناعية والشبكات الاجتماعية الخاصة بالتعليم والبحوث والشبكات اللاسلكية، وبعض مشروعات الدكتوراه في مجالات أمن المعلومات والربوتات والشبكات اللاسلكية والمجالات الطبية، وأكد سموه أن «المرحلة القادمة تتطلب تطوير بنية تحتية علمية وتقنية متقدمة، تواكب التطورات العصرية لإيجاد وبناء العقول الوطنية القادرة على رسم المستقبل الأفضل لهذا الوطن»، وهذا كله إنما يعبِّر عن رؤية واعية لدور التعليم والبحث العلمي، باعتباره القاعدة التي تسهم في بناء الكوادر المواطنة المتخصصة في المجالات العلمية والتكنولوجية التي تخدم أهداف التنمية وخططها في الدولة. إن بناء بنية تحتية علمية وتقنية، كما دعا سموه، أمر ينطوي على قدر كبير من الأهمية، ليس فقط لأن العلوم والتكنولوجيا باتت تلعب دوراً رئيسياً في تعزيز التنافسية على الصعيد الدولي، وهو ما دفع الرئيس الأميركي باراك أوباما مثلاً إلى إطلاق خطة طموحة لتطوير نظام التعليم على مستوى المدارس الأميركية عن طريق التوسع في بناء المدارس العمومية المستقلة التي يعتبرها «معامل الابتكار»، وأطلق مبادرة «السباق نحو القمة» التي تستهدف إصلاح التعليم ومواجهة ما يُعتبر تهديداً للتنافسية الاقتصادية الأميركية، وإنما لأن هناك فجوة حقيقية بين التخصصات النظرية والعلمية والتطبيقية في دولة الإمارات أيضاً، ويكفي الإشارة في هذا السياق إلى التقديرات التي تتحدث عن أن التنمية الاقتصادية في إمارة أبوظبي وحدها تحتاج إلى 40 ألفاً من المهندسين والتقنيين، من أصحاب المهارة العالية في مختلف التخصصات في عام 2020، في حين أن نظام التعليم الحالي لا يوفر سوى 3000 فقط. لهذا فإن حرص سمو ولي عهد أبوظبي على زيارة جامعة خليفة، وتفقد مختبراتها ومعاملها العلمية، وإشادة سموه بمشروعات الطلاب البحثية، إنما تنطوي على تشجيع واضح لطلابنا في مختلف المعاهد والجامعات على دراسة التخصصات العلمية والتكنولوجية المتطورة التي تتواكب مع خطط مشروعات التنمية في الدولة، كالهندسة بتخصصاتها المختلفة، والتقنيات الدقيقة، وأمن المعلومات، والعلوم الصحية، وعلوم الفضاء، والطاقة النووية، وغيرها من البرامج العلمية التي تؤهل الكوادر الوطنية للانخراط في اقتصاد المعرفة، وبما يحقق أهداف رؤية الإمارات 2021، التي ترتكز بالأساس على بناء اقتصاد تنافسي تقوده كفاءات إماراتية متميزة بالمعرفة والإبداع، تكون قادرة على تعزيز مكانة الدولة، وإبراز دورها كنموذج تنموي رائد يحتذى به إقليمياً وعالمياً. ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.