مَنْ تابع الجلسات الأخيرة لمحاكمة المتهمين في قضية الانتماء إلى «التنظيم السري» غير المشروع، وحرص دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا على الاستماع إلى مرافعات المتهمين والدفاع، وإتاحة الفرصة كاملة أمامهم للتعبير عن وجهة نظرهم فيما هو منسوب إليهم من اتهامات، أدرك مدى شفافية القضاء الإماراتي ونزاهته، وحرصه على تحقيق العدالة، بصرف النظر عن حساسية هذه القضية، وما يردده بعضهم من معلومات مغلوطة حولها. لقد تمّت جلسات محاكمة المتهمين، وفقاً لأصول المحاكمات المعمول بها، وفي ظل مختلف الضمانات الدستورية والقانونية، وبأرقى المعايير الدولية والإنسانية، كما سمح لوسائل الإعلام وجمعيات المجتمع المدني الإماراتي، وجمعية الإمارات لحقوق الإنسان، وجمعية الإمارات للحقوقيين والقانونيين، بحضورها، في خطوة تؤكد شفافية المحاكمة، وحرص القضاء الإماراتي على إظهار الحقائق أولاً بأول أمام الرأي العام، وتفويت الفرصة على مَنْ يحاولون نشر الشائعات المغرضة أو المعلومات المغلوطة حول هذه القضية، والتشكيك في نزاهة النظام القضائي. لقد أثبت القضاء الإماراتي في مختلف جلسات المحاكمة أنه يتمتع بالاستقلالية الكاملة والحيادية، ولا توجد أي تدخلات في شؤونه تحت أي ظرف أو من قِبل أي جهة، لأن هناك قناعة راسخة من جانب الدولة وقيادتنا الرشيدة بأن استقلال القضاء هو الضمانة الأساسية لتحقيق العدالة المنشودة، التي تحفظ للمجتمع استقراره، وتحافظ على صورة الإمارات الناصعة باعتبارها دولة الحق والعدل والقانون والمساواة. وإذا كان القضاء الإماراتي يتعامل بهذه الشفافية والصراحة في هذه القضية الحساسة، ويتيح الفرصة كاملة أمام المتهمين للدفاع عن أنفسهم، فإن اللفتة الإنسانية الكريمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله قبل أيام بالتكفل بعلاج إحدى المتهمات في قضية «التنظيم السري» على نفقة الدولة في الولايات المتحدة الأميركية، جاءت لتكشف عن السمات المتفردة لقيادتنا الرشيدة، وتؤكد عمق البُعد الإنساني في سياساتها ومواقفها، وحرصها على توفير الرعاية لأبناء الوطن جميعاً، حتى لو كان أحدهم يحاكم في قضية تمسّ أمن الدولة واستقرارها. وتقدّم الإمارات نموذجاً يُحتذى به لدولة القانون والمؤسسات التي تؤمن بأن إقامة العدل في المجتمع هي أساس أمنه واستقراره، وركيزة من ركائز تنميته وتطوره وتقدمه الدائم إلى الأمام، ولذلك تحرص القيادة الرشيدة دائماً على توجيه القائمين على الأمر بإعمال القانون وتنفيذه، في الوقت الذي تواصل فيه الدولة العمل على تطوير النظام القضائي حتى يكون مواكباً لتطورات العصر في المجالات المختلفة وقادراً على التعامل بكفاءة مع القضايا والمنازعات على اختلاف أنواعها، وفي هذا السياق يأتي التوسع في إنشاء المحاكم والنيابات المتخصصة في الإعلام والأسرة والأموال، إضافة إلى المحاكم التجارية، وغيرها من الإجراءات التي تستهدف في مجملها سرعة الفصل في القضايا من ناحية، وكفاءة التعامل معها من ناحية أخرى. لقد نجح القضاء الإماراتي على مدى سنوات عمله في تقديم نموذج ناصع لترسيخ سيادة القانون وتكريس مبدأ الفصل بين السلطات، ولهذا كله تتصدر الإمارات قائمة الدول العربية الأكثر شفافية في نظامها القضائي، وليس أدل عـلى ذلك من حصولها على المرتبة الأولى في المـنطقـة والـ(13) عالمياً في «مؤشر سيادة القانون»، الذي أصدره «مشروع العدالة العالمي» عام 2011، تتويجاً لما تتمتع به من حكم رشيد يقوم على إعمال القانون وتكريس العدالة واستقلال القضاء. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.