اعتبر الكاتب فهمي هويدي أن زيارة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب للإمارات لا تبعث على الارتياح ويشم منها رائحة السياسة، بحجة أن شيخ الأزهر ليس رجل دولة، تحكمه الأعراف والمجاملات، ليقوم بتلك الزيارة! ومثل هذا الطرح يستغرب من شخص عُرف بأنه «مفكر إسلامي»، إذ لا يفرق من يدعون «المفكرين الإسلاميين» بين دين ودولة، كما أن هويدي مغرم بثورة الخميني، حيث يمسك شخص واحد بالسلطتين الزمنية والروحية، وهو إلى ذلك يميل إلى جماعة تتوسل الحكم بشعار «الإسلام هو الحل». وما قاله هويدي قد يصح في أئمة المساجد وليس في القادة الدينيين الكبار، فشيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوي، زار الإمارات سنة 2007 والتقى بكبار المسؤولين فيها، والقرضاوي، وهو ليس رجل دولة، زار القذافي، والأسد، إضافة إلى زياراته الكثيرة لملوك ورؤساء عدد من الدول العربية والإسلامية. وزعم هويدي أن زيارة شيخ الأزهر لم يكن لها علاقة بالدور العلمي أو الدعوي للمؤسسة التي يرأسها، وهذا يدل على أنه أسير مواقفه المسبقة من هذا الطرف أو ذاك، فشيخ الأزهر وصل الإمارات لتسلم جائزة شخصية العام الثقافية التي فاز بها ضمن جائزة الشيخ زايد للكتاب. كما أن استقبال علماء الدين والاحتفاء بهم ليس غريباً على الإمارات، فقد سبق أن مُنحت جائزة شخصية العام الإسلامية لكبار القادة الدينيين، كالراحل متولي الشعراوي، وأبوالحسن الندوي، وغيرهما، كما أن جامع الأزهر اختير من قِبل جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم كشخصية العام الإسلامية سنة 2003. ومن هو أحق بجائزة الشخصية الثقافية في هذا الوقت الذي تغلي فيه الأمة على صفيح الفتنة والشقاق سوى شيخ الأزهر، الذي جاء في اختياره أنه يمثل الوسطية الإسلامية، والداعي إلى ثقافة التسامح والحوار، ونبذ الفرقة والعنف، والاحتكام إلى العقل، والحفاظ على هوية المجتمع وتماسكه. ولو لم تكن للإمارات مساهمات في دعم رسالة الأزهر لربما صدقت ظنون هويدي، لكن الإمارات، كما صرّح شيخ الأزهر، تدعم رسالة الأزهر ونهجه في تبني وسطية الدين ويسره وسماحته من خلال تشييد المباني والمرافق لخدمة طلبة الجامعة والكليات والمعاهد الأزهرية، فالزيارة، والحال كذلك، فرصة لتعزيز الإمارات موقفها الداعم لوسطية الأزهر. ولو سلّمنا جدلاً بأن هذه الزيارة «لا تبعث على الارتياح» لأنها تمت إلى بلد «على غير صفاء أو وئام مع الدولة المصرية»، كما زعم هويدي، فإن الزيارة على العكس تعطي معنى إيجابياً، فلو حدث خلاف في وجهات النظر بين شخص وبين قريب له، وأشيع بين الناس أن المشكلة بين الأسرتين، فسعى أخ للقريب إلى زيارة ذلك الشخص في بيته لطمأنة الجميع وعدم إعطاء الخلاف أكبر من حجمه، فهل في هذا ما يقدح بأهداف الزيارة؟ لكن يبدو أن هويدي كان يتربص بشيخ الأزهر للنيل منه على خلفية موقفه الشجاع حين زاره نجاد، واعتقد أنه يستطيع تمرير مخططاته من بوابة الوحدة الإسلامية، فسمع من شيخ الأزهر ما لم يتوقعه، لا هو ولا الضيف العزيز لدى طهران، أعني هويدي الذي استقبله نجاد في مكتبه، ووصفته وكالة أنباء «فارس» بأنه «دائماً يدافع عن مواقف النظام الإسلامي في إيران»، وكتب هو مقالاً بعنوان «هكذا تكلم أحمدي نجاد»، كأنّه التقى بالفيلسوف زرادشت! إذا عُرف سبب استهجان هويدي لزيارة شيخ الأزهر للإمارات، بطل العجب بما كتبه.