أعلن نائب الرئيس الإيراني محمد جواد محمدي زاده يوم الجمعة الماضي عن ترحيب طهران باتفاق وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري في 7 مايو على عقد مؤتمر دولي جديد حول سوريا من أجل تطبيق ما تم الاتفاق عليه في جنيف العام الماضي، مشيراً إلى أن إيران تتوقع أن تكون جزءاً من عملية التسوية السلمية في سوريا. لقد أدى تصاعد الأحداث على الساحة السورية انطلاقاً من الغارات الإسرائيلية الأخيرة إلى تعجيل التوصل إلى توافق أميركي روسي حول الوضع في سوريا، لقد دخلت إسرائيل ساحة الأزمة السورية بقوة بعد أن شن الطيران الإسرائيلي هجمات متفرقة استهدف، كما أعلن، مخازن للأسلحة ستنقل إلى "حزب الله"، واعتراف تل أبيب بالغارات يدل على أنها كانت تشكل تهديداً محتملًا للأمن الإسرائيلي، فيما أكدت الولايات المتحدة على لسان رئيسها أن لإسرائيل كل المبررات للحيلولة دون انتقال أسلحة متطورة إلى منظمات إرهابية مثل "حزب الله" اللبناني. وتلعب طهران دوراً رئيسياً في لعبة توازنات الشرق الأوسط والمنطقة العربية، فلا يخفى عمق التغلغل الإيراني في المنطقة العربية نتيجة حتمية للفراغ السياسي والعسكري، وبحكم ضبابية مفهوم "الأمن القومي العربي" لدى الدول العربية، مما خلق حالة انكشاف سياسي سارعت طهران لاقتناصها، فأوجدت لها دوراً في المنطقة العربية وتبنى خطاب طهران أهم القضايا العربية "قضية فلسطين"، ورفع شعار "الموت لإسرائيل"، وسرعان ما اتضح المشروع الإيراني الإقليمي وظهر التحالف الإيراني- السوري، وأوجدت طهران "حزب الله" في لبنان كذراع للسياسة الإيرانية في الثمانينيات حيث قام حوالي 1500 من أعضاء الحرس الثوري الإيراني بتدريب مليشيات "حزب الله"، واستمرت إيران تدعم الحزب بالمال والسلاح حتى الآن، وغدا الحديث عنه مرادفاً للحديث عن إيران، فيما أصبحت الساحة العراقية ميداناً خالصاً للسياسة الإيرانية. وقد عملت طهران على توظيف كافة الملفات الإقليمية، لممارسة الهيمنة ولعب دور إقليمي وصولًا لتحقيق مشروع النفوذ الإيراني في المنطقة، والحصول على اعتراف إقليمي ودولي بأحقيتها في ممارسة هذا الدور. لقد استطاعت السياسة الإيرانية تحويل "حزب الله" إلى ذراع سياسي وعسكري واستخباري لطهران، وعملت على التحالف مع حركة "حماس"، ودعمت الحوثيين في اليمن، واستمرت في ممارسة الضغوطات على الأنظمة الخليجية والعربية باستخدام ورقة "الأقليات الشيعية" و"الجالية الإيرانية" الكبيرة، ورغم ذلك يبقى التحالف السوري الإيراني أهم استراتيجية إيرانية، ولذا لا تزال طهران تكافح لبقاء نظام الأسد، فالإطاحة بهذا النظام تعني انهيار المنظومة السياسية التي عملت طهران على بنائها في المنطقة العربية، وهو ما لن تسمح به، ما لم تحصل على ضمانات أو تنازلات في ملفات إقليمية أخرى. لقد أثبتت تطورات الأوضاع اللبنانية أن "حزب الله" عمل على إشعال الجبهة اللبنانية الإسرائيلية بما يتوافق مع أجندة طهران على حساب لبنان، وسيتكرر السيناريو في سوريا، فإسرائيل في إعلان صامت للحرب قصفت مواقع سورية، وستستمر طالما وجدت تهديداً، ولو محتملاً، لأمنها القومي سواء نتيجة سيولة الأوضاع الأمنية في سوريا، أو لتوجيه ضربة لمحور "حزب الله" وإيران. لقد وجهت تل أبيب رسائل واضحة بأنها لن تتوانى عن توجيه ضربات أخرى حال نقل الأسلحة السورية- الإيرانية إلى "حزب الله" بما يشكل تهديداً لأمنها، وحفاظاً على حدودها وللتأكيد للمعارضة السورية على الدور الإسرائيلي في المنطقة حال سقوط نظام الأسد. وتشكل التطورات الأخيرة نقلة نوعية للصراع في سوريا متجاوزاً الصراع على السلطة بين نظام الأسد والمعارضة السياسية والعسكرية والأطراف الإقليمية والدولية التي تتوزع بين طرفي الصراع إلى نطاق حرب إقليمية مباشرة على الساحة السورية بين إسرائيل و"حزب الله" وإيران.