أدى استخدام المواد الكيماوية في سوريا لزيادة الضغط على أوباما من أجل دفعه للقيام بتسليح المعارضة السورية. من قبل كنت أؤيد هذه الخطوة، ولكن الظروف تغيرت الآن، بحيث بات من الواجب على الولايات المتحدة- بدلاً من ذلك- التركيز على العمل مع روسيا من أجل نزع سلاح سوريا. ويمكن لقرار صادر من مجلس الأمن الدولي بالتفويض بإجراء عملية تفتيش ونزع سلاح في سوريا، أن يفتح الباب لمفاوضات أوسع نطاقاً للتوصل لحل سلمي للأزمة في هذا البلد. وقد أدى الفشل في تسليح المعارضة السورية عندما بدأت الانتفاضة منذ عامين، إلى إتاحة الفرصة للقوى المتطرفة، كي يكون لها اليد العليا في صفوف المعارضة. فمن المعروف أن أتباع الحركات الليبرالية والعلمانية قد خرجوا للمنفى، وتركوا خلفهم فراغاً يستغله المتطرفون في الوقت الراهن. وكان يجب على أوباما الحريص للغاية على استلهام دروس العراق أن يدرك أن الصراع الممتد ليس من المرجح أن ينحاز للمعتدلين. فوحشية بشار، أدت إلى تطرف الشعب السوري، وكانت سبباً في أن بعض القوى الإسلامية التي يرتبط جزء منها بعلاقات مع تنظيم "القاعدة" أصبحت العنصر الرئيسي في المعارضة السورية، إن لم تكن عمودها الفقري. في هذه المرحلة من الأزمة لن يخدم تسليح المعارضة مصالح الولايات المتحدة، لأن التصعيد العسكري قد يدفع قوات الأسد لشن هجمات بالأسلحة الكيماوية. وما لم تضمن الولايات المتحدة أن إمدادات السلاح ستصل فقط للجماعات المعارضة غير المتطرفة- وهي لن تستطيع ذلك- فإن خطر امتداد التوترات الطائفية عبر المنطقة سيتزايد. كما أن خلخلة الدولة السورية ستؤدي لتهديد تكاملها الترابي وتكامل العراق كذلك، وخصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار الأقلية الكردية القلقة في البلدين. المصلحة الأميركية الأكثر مباشرة في الوقت الراهن هي نزع أسلحة الدمار الشامل السورية. فطالما ظل نظام الأسد يحتفظ بمخزونات من الأسلحة الكيماوية، فسيكون هناك أغراء يدفعه لاستخدامها. وإذا انتصرت المعارضة، فإن هناك احتمال لوقوع تلك الأسلحة في أيدي الجماعات المتطرفة خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار الدور المهيمن الذي تلعبه في المعارضة. وليس من المرجح أن تسمح روسيا للمعارضة بدحر نظام الأسد، فهناك أنباء تفيد أنها بصدد تزويده بصفقة أسلحة متطورة. ولكن نزع سلاح سوريا من خلال إطار أممي، سيؤدي- ولحد كبير- لتسهيل تحقيق هدف موسكو الخاص بتعزيز وضعها الدولي، من دون تقويض موقف النظام السوري في الحرب الأهلية المندلعة في ذلك البلد. والقرار الذي تخذه وزير الخارجية الأميركي ونظيره الروسي، بعقد مؤتمر دولي بشأن سوريا، يمثل خطوة إيجابية. وهذا المؤتمر يجب أن يجعل من التوصل لاتفاقية بشأن موضوعات نزع السلاح أولوية له، لأن تلك الاتفاقية ستقود لقيام مجلس الأمن بالتفويض بخطة لنزع السلاح تتضمن نظام قوي وصارم للتفتيش. إن تطبيق استراتيجية لنزع سلاح سوريا اعتماداً على شريك لا يمكن الاعتماد عليه- مثلما هو الحال بالنسبة لروسيا- يعتبر بالكاد حلاً إيجابياً. ولكننا إذا أخذنا في اعتبارنا الظروف الحالية المتعلقة بالأزمة السورية، فإننا سندرك أن هذا الحل أفضل من غيره من الحلول. زلماي خليلزاد ممثل واشنطن الدائم في المنظمة الأممية خلال الفترة 2007-2009 ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"