إسرائيل تلعب بالنار... وحزب «الاستقلال» يلقن «المحافظين» درساً -------- النجاح الذي حققه حزب «الاستقلال» البريطاني في الانتخابات المحلية الأخيرة، والهجمات الجوية الإسرائيلية ضد سوريا وتطورات الأزمة في ذلك البلد، وخيبة أمل الفرنسيين في حكومة فرانسوا أولاند... موضوعات نسلط عليها الضوء ضمن عرض أسبوعي للصحف البريطانية. -------- شعبية متراجعة استهلت «ديلي تلغراف» افتتاحيتها السبت الماضي تحت عنوان «يمكن لكاميرون أن يستمد دروساً مفيدة من نجاح حزب الاستقلال البريطاني»، بالاعتذار لقرائها عن عودتها مرة أخرى لتناول موضوع حقوق الإنسان، التي رأت أنه يساء استخدامه من قبل الكثيرين من الأجانب الذين يرتكبون أعمالاً إجرامية لتجنب الإبعاد في بريطانيا. وذكرت الصحيفة بعض الحالات لذلك استغل فيها خارجون عن القانون من الأجانب تفسيرات متساهلة لقانون من ضمن قوانين حقوق الإنسان يطلق اسم «قانون الحق في الحياة العائلية» لتجنب الإبعاد والبقاء في البلاد، وهو ما يؤدي في نظر الصحيفة إلى«الإخلال بالتوازن الأخلاقي لنظام العدالة البريطانية، وتعريض الجمهور البريطاني للخطر، وتجعل من تعبير حقوق الإنسان يبدو في نظر الكثيرين كتعبير كريه». وتلك التجاوزات تتعلق بمسألة الهجرة، التي تمثل هي ومسألة البقاء ضمن المنظومة الأوروبية مجالين مهمين من مجالات السياسة البريطانية، التي دفعت الناخبين للتخلي عن حزب "المحافظين" في الانتخابات المحلية الأخيرة، و"تأييد حزب الاستقلال البريطاني"، الذي حقق نجاحات كبيرة في تلك الانتخابات. فعلى الرغم من إدراك الناخبين لصعوبة المشكلات التي تواجه حكومة الائتلاف الحاكم، فإنهم يرون مع ذلك أن جزءاً كبيراً من تلك المشكلات يرجع لكون الحكومة تشغل نفسها بأمور لا تتعلق مباشرة بحياة معظم البريطانيين- كتقنين زواج المثليين مثلاً. وهذا الإحساس من جانب الناخبين باختلال الأولويات، مقروناً بالغضب من بطء التحرك في مجال الإصلاح الاقتصادي، يضاعف من حجم الإحباط الذي يشعرون به تجاه الحكومة، وأكثر المستفيدين منه هو "نايجل فاراج"، رئيس حزب الاستقلال البريطاني، حيث تمكن من إيجاد صيغة للتقارب من المواطنين العاديين، ونأي بنفسه عن ذلك النمط من النخبوية والانفصال عن نبض الواقع العملي الذي يميز سياسيي التيار الرئيسي، وخصوصاً المحافظين. ونجح في التواصل مع أفراد الشعب الراغبين في السماع عمن يحدثهم عن المشكلات الحقيقية التي يعانونها، ويقترح عليهم الوسائل العملية المباشرة للخروج منها، وحجم النجاح الذي حققه فاراج في هذا المجال انعكس بشكل واضح في النجاح الباهر الذي حققه الحزب في الانتخابات الأخيرة على حساب حزب "المحافظين"، حيث حصل على ربع عدد أصوات الناخبين في بريطانيا كلها، وجاء في المرتبة الثانية في الانتخابات الفرعية في"ساوث شيلدز"، وحصل على 139 مقعداً جديداً في المجالس المحلية، وهو نجاح باهر يجب على كاميرون أن يتأمل فيه جيداً، ويستخلص منه الدروس التي يمكن أن تفيد حزبه. مخاطر التصعيد «إسرائيل تلعب بالنار في سوريا»، اختارت "الإندبندنت"، هذا العنوان لافتتاحيتها الاثنين الماضي، معلقة على الهجوم الذي قامت به الطائرات الإسرائيلية مؤخراً على مواقع في ضواحي دمشق، والذي وصفه متحدث باسم الحكومة السورية بأنه يعتبر"بمثابة إعلان حرب". وعلى الرغم من أن إسرائيل لم تعلن كعادتها مسؤوليتها عن الهجوم، فإنها لم تنكره أيضاً، وإن كانت هناك مصادر لمحت إلى أنها نفذت تلك الضربات، لأنها ستفعل كل ما في وسعها لمنع وقوع أسلحة متطورة، وخصوصاً الصواريخ الإيرانية في أيدي "حزب الله". وتقول الصحيفة إن خطر تمدد الصراع الدامي في سوريا للمناطق المجاورة قائم منذ مدة طويلة، وأن الهجوم الإسرائيلي الأخير جعل هذا الخطر قريباًً للغاية، على الرغم من حقيقة أن النظام السوري، وعلى الرغم من كافة التهديدات الكلامية التي يطلقها غير قادر على الرد على مثل تلك الهجمات، إما لأنه يخشى من التصعيد، وإما أنه قد اُضعف لدرجة بات فيها غير قادر على الرد. فالهجمات الإسرائيلية الأخيرة تعتبر في نظر الصحيفة «لعباً بالنار» ، وباعتبارها- إسرائيل- أقوى قوة عسكرية في المنطقة، فإنها مطالبة بالامتناع عن ذلك، وممارسة قدر أكبر من ضبط النفس. محاذير التدخل «تسليح المعارضة السورية محفوف بالمخاطر»، هكذا عنونت "ديلي تلغراف" مقالها المنشور يوم السبت الماضي، الذي رأت فيه أن سؤال المجتمع الدولي في الوقت الراهن ليس هو ما إذا كانت الحاجة تستدعي المزيد من الجهد في سوريا، وإنما ما الذي يمكن عمله. ومتى؟ علاوة على أن الحاجة تستدعي معرفة حقيقة أنه على ضوء الأوضاع الحالية في سوريا، وخصوصاً مع تزايد احتمالات تصعيد الصراع، وانتقاله للدول المجاورة، جراء أسباب عديدة من بينها الهجمات الجوية الإسرائيلية الأخيرة على مواقع داخل سوريا، فإن الأمر يستدعي القبول بواقع أنه ليس هناك مسار عمل مستقيم تماما لمعالجة الأزمة السورية، كما لا توجد ضمانة لنجاح أي مسار في حالة اتباعه. وترى الصحيفة أن هناك حاجة ملحة في الوقت الراهن لقيام القوى الغربية، وعلى رأسها أميركا وبريطانيا، بالضغط على روسيا لإقناعها بخطورة الاستمرار في دعم نظام الأسد عسكريا، وتوفير الحماية الدبلوماسية له في الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية، مع الحاجة أيضاً إلى الضغط على المعارضة السورية من أجل التغلب على انقساماتها، وتوحيد صفوفها، ثم الالتفات بعد ذلك لموضوع دعم مقاتلي المعارضة على الأرض، مع ضرورة مراعاة الأمور التالية: أولاً ، معرفة حجم المساعدة العسكرية الحقيقية، سواء في صورة معدات وأسلحة عسكرياً التي ستحتاج إليها المعارضة المسلحة لقلب ميزان القتال لمصلحتها. ثانياً، أن الدول الغربية والدول التي تقدم العون للمعارضة يجب أن تكون متأكدة تمام التأكد من هوية المستخدم النهائي لتلك الأسلحة والمعدات، وخصوصاً بعد تزايد نفوذ المنظمات المرتبطة بالقاعدة، مثل "جبهة النصرة" وذلك للحيلولة دون وقوع تلك الأسلحة والمعدات في أيديها. ثالثا، أن تعمل الحكومة البريطانية بالتعاون مع الحكومات الغربية المهتمة بالأزمة السورية، على رسم خريطة طريق لإرساء السلام والاستقرار في سوريا في مرحلة ما بعد الأسد، كهدف نهائي. خيبة الأمل؟ «فاض الكيل بالناخبين الفرنسيين من فرانسوا أولاند وحكومته» كان هذا هو عنوان مقال "فيليب مارليير" المنشور في "الجارديان" الاثنين الماضي محللاً فيه أسباب الاحتجاجات المتصاعدة ضد أولاند، وشعبية خصومه المتزايدة التي تبدت في أجلى مظاهرها، خلال مسيرة حاشدة شارك فيها 150 ألف شخص تقريباً، وتجمعت أمام قصر الباستيل لسماع خطبة جين لوك- ميلينشون قائد"جبهة اليسار"، والتي استفزت الحزب الاشتراكي الحاكم، ودفعت كبار مسؤولية لوصف المناسبة بأنها مسببة للانقسام في صفوف "اليسار الفرنسي"، ووصف "ميلينشون" نفسه بـالشعبوية. تلك المسيرة والتجمع الحاشد ليسا سوى نموذج واحد من نماذج عديدة على تنامي السخط ضد"أولاند"، الذي أخلف بمعظم وعوده في الحملة الانتخابية. فالناخبون كانوا ينتظرون منه أن يغير الأسلوب "الرئاسي المفرط" الذي كان يتسم به ساركوزي ويستبدل به أسلوب" الرئيس العادي"، كما وعد هو نفسه، ولكنه لم يفعل، بل أصبح يميل لتبني نهج "بونابرتي" أو "ديجولي" على أفضل تقدير، كما وعد بالتخلي عن الأساليب المالية الملتوية التي اتبعها ساركوزي، وبالعمل على تطهير حزبه ووزارته من أي مظاهر للانحراف، وهو أيضاً ما لم يفعله، حيث راح يدافع عن وزير ماليته المتهرب من الضرائب والكاذب حتى اللحظة الأخيرة، ووعد بإصلاح النظام الضريبي حتى لا يتحمل أعباءه الفقراء فقط، ويهرب منه الأغنياء وهو ما لم يحدث أيضاً، كما وعد بالدفاع عن حقوق العمال، وهو ما لم يفعله ويتصدى لسياسات ميركل التقشفية لمصلحة سياسات تقوم على تشجيع النمو الاقتصادي، وهو ما لم يقم عليه دليل حتى الآن، وهي في مجملها أسباب دعت الكثير من المحللين، والمراقبين، والفرنسيين العاديين، إلى القول إن الرجل قد خذل ناخبيه خذلانا مبيناً … بل وخذل نفسه قبل ذلك. إعداد: سعيد كامل