عُقد المؤتمر العام الرابع لاتحاد الصحافة الخليجية في المنامة مؤخراً، وتم اختيار أعضاء جُدد في الأمانة العامة، بحيث أصبح عدد الأعضاء 14 عضواً، كما تبنى المؤتمر عدة مشاريع للتنفيذ خلال المرحلة القادمة، مثل ملتقى الصحفيين الشباب الذي تستضيفه صحيفة "عكاظ" بجدة، وندوة "مستقبل المواقع الإلكترونية للصحف الخليجية" بدولة الكويت، واستكمال طباعة كتب رواد ومؤسسي الصحافة في دول الخليج. وفي واقع الأمر، فإن هذا التجمع الخليجي يعتبر خطوة رائدة نحو تقريب منسوبي العمل الصحفي في المنطقة، ودعم التوجهات الإيجابية لما يحدث في هذه الدول. ولكن الثقوب البارزة في ثوب الصحافة الخليجية -بتفاوت- لا تعفينا من النظر من خلالها لعمق الإخفاقات التي تحدث، مهما حاولنا "تلميع" واقع الحال، أو التأكيد على النهج "التنموي" لمسيرة الصحافة الخليجية، مع التقدير بوجود استثناءات محددة في بعض الدول ترقى للعمل الصحفي العالمي. ولا يمكن فصل دور واتجاهات الصحافة الخليجية عن الواقع في دول مجلس التعاون. وهذا الدور يحكم ويتحكم في بوصلة الاتجاهات. فمثلاً لا يمكن مقارنة مساحة الحرية المتاحة في دولة الكويت بنظيرتها في دول أخرى. كما لا يمكن تجاهل حجم الميزانيات ومداخيل الصحافة في المملكة العربية السعودية ومقارنة ذلك بدول محدودة الميزانيات والمداخيل من الصحافة. كما لا يمكن فصل العلاقة "الجنينية" بين الحكومات وبين المؤسسات الصحفية؛ الأمر الذي يؤكد ارتباط معظم تلك المؤسسات بالدول أو الخط السياسي -مع وجود بعض الاستثناءات في بعض الدول- وبالتالي التأثير على التوجه العام لوسيلة الإعلام. وفي ظل هذه الظروف ظهرت بعض نقاط الضعف، أو الإخفاقات الواضحة في الصحافة الخليجية التي يمكن حصرها في الآتي: 1- غلبة الاتجاه التنموي المُبالغ فيه -في كثير من الحالات- مع انخفاض صوت المواطن، ما يمكن اعتبار الصحف معه وكأنها لسان حال الدول، وهذا خطأ "شائع" في بعض الصحف الخليجية. 2- ارتباط مصالح المؤسسات الصحفية وشخوصها بالدول. وهذا قد يؤثر على الرأي العام، وعلى أطروحات كتاب الرأي. وبذلك يمكن التضحية بكاتب رأي في لحظة -في بعض الصحف- دون المساس بالعلاقة المصالحية بين المؤسسات الصحفية والدولة. 3- خضوع عمليات تعيين الكادر التحريري أحيانا لاعتبارات ليست مهنية أو أكاديمية في بعض الحالات، وهذا الأمر ربما لا يخدم العمل الإعلامي. 4- تركيز معظم مجالس إدارات المؤسسات الصحفية على الربح! مع عدم الالتفات، إلا ما ندر، إلى تدريب الكوادر وتأهيل الصحفيين عبر التدريب المؤسسي. وهذا يجعل العنصر المحلي نادر الوجود في هذه الصحافة، وهو أمر لا يخدم مستقبل الصحافة. كما يوجد عدم اتفاق حول بعض المفاهيم العامة مثل: المواطنة، وما هي علاقة المواطن بالوطن! أو السلطة بالوطن! وما هي المصلحة العليا للوطن؟! أو المساس بتاريخ ومكتسبات الوطن؟ وكيف نفسر المادة رقم 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان! 5- وجود خطوط واضحة تتقاطع مع حق المواطنين في الوصول إلى المعلومة. وهذا تعززه القوانين المنظمة للعمل الإعلامي، التي تحتاج لإعادة نظر فيما يتعلق بدقة النصوص وتركيزها والبعد عن "العموميات" التي يمكن تفسيرها على أكثر من وجه. كما يوجد أحياناً خلط في تفسير توجهات الصحف؛ مع التقدير بوجود مساحات حميدة في بعض الدول وانفتاح يقابله هبوط سقف الحرية في دول أخرى. فمثلاً ما زال هنالك خلط حول نشر أخبار وصور عارضات الأزياء وملكات جمال الكون في بعض الصحف، على رغم أن من حق القارئ الحصول على تغطية شاملة للحدث بدقة وصدقية وشفافية، وبرأينا أن تلك الخطوط تحتاج إلى مراجعة من أجل تطوير الصحافة الخليجية. 6- الرتابة والتقليدية في الأداء في بعض الصحف الخليجية، خصوصاً أن المتلقي قد شاهد وسمع الأخبار من مصادر أخرى قبل صدور الجريدة بساعات. ولذلك فإن اتجاه بعض الصحف الخليجية نحو الخروج من تقليدية الأداء عبر التحقيقات والأخبار "المسكوت عنها" يعتبر اتجاهاً جميلاً يخدم القارئ. 7- لقد سهّلت الإنترنت عملية تداول الصحف الخليجية وعدم خضوعها لعمليات الرقابة من قبل بعض الدول. ولكن ذلك يظل حصراً على من يتعاملون مع الإنترنت؛ بينما الغالبية ما زالت تتعامل مع النسخ الورقية، التي ربما تحتاج لإعادة نظر في عملية توزيعها، مع أن الزمن قد تجاوز هذه الرؤية، لأن الإقبال على الإنترنت في تزايد، ومع مرور الأيام سيكون هنالك اعتماد أكبر على الصحف الإلكترونية، وخصوصاً العابرة للحدود. وبعد، فهذه بعض الثقوب التي نلاحظها موجودة في ثوب الصحافة الخليجية نأمل من الجهات المسؤولة "ترقيعها" بما يحقق مصلحة القارئ الكريم، ويوفر مناخات ملائمة للتعامل مع الإنسان في الخليج.