نقلت صحيفة «واشنطن بوست» تقارير عن قيام "إسرائيل بقصف شحنة من الصواريخ المتقدمة التي كانت متوجهة إلى "حزب الله" اللبناني. هذه المعلومات جاءت وفقاً لما قاله مسؤولون في واشنطن ولبنان وإسرائيل للصحفيين يوم السبت الماضي، وأضافت الصحيفة أن "السلطات اللبنانية والأهالي أفادوا بوجود حركة غير اعتيادية للطيران الإسرائيلي خلال اليومين السابقين، ما يوحي بأن الطائرات الإسرائيلية قصفت الأهداف السورية من داخل الأراضي اللبنانية". وحسب آخر الأنباء، جدد الطيران الإسرائيلي قصفه لمناطق خارج دمشق يوم الأحد الماضي. والحقيقة أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة تحرج واشنطن على نحو واضح، فماذا تقول الإدارة الأميركية اليوم التي تذرعت بوجود دفاعات سورية قوية تحول دون قيامها بتحرك عسكري، وهي الدفاعات التي لم نرَ لها أثراً في القصف الإسرائيلي، بل الأكثر من ذلك يبدو أن أحد المسؤولين الإسرائيليين في معرض تبريره للهجوم على المواقع السورية وجه لوماً مبطناً لإدارة أوباما التي ما زالت تراوغ بشأن السلاح الكيماوي، بعدما تراجعت عن خطها الأحمر المرسوم سلفاً، حيث نقلت "واشنطن بوست" عنه قوله "إن الصواريخ الحديثة والمتطورة التي قصفها الطيران الإسرائيلي تم التعامل معها على أنها مغيرة لقواعد اللعبة، وهي وإن كانت لا تندرج في خانة السلاح الكيماوي، إلا أنها متطورة وبعيدة المدى ومن طراز أرض أرض" في إحالة واضحة، أو غمز مبطن إلى أنه خلافاً لأميركا لا تمزح إسرائيل بشأن خطوطها الحمراء. والمسألة لا تقتصر فقط على تعارض التحرك الإسرائيلي السريع والفعال مع تراخي الحكومة الأميركية، بل تثير تساؤلات أخرى حول ما إذا كانت أميركا تفضل إسناد مهماتها إلى إسرائيل، ودفعها للعب دور "الشرطي" في الشرق الأوسط. والحال أنه من غير اللائق، ولا المناسب أن تترك القوة العظمى الأولى في العالم إسرائيل تتولى مهمة التعامل مع وكلاء إيران في المنطقة، فمثل هذا السلوك من شأنه إزعاج الحلفاء، وتشجيع الخصوم في مناطق أخرى من العالم. وعندما يبدي الرئيس الأميركي هذا القدر من التقاعس والسلبية في الوفاء بتعهداته واحترام خطوطه الحمراء، فإن الغرب والدول العربية الأخرى قد تركن إلى إسرائيل للجم النفوذ الإيراني المتنامي في الشرق الأوسط والتصدي له فيما الولايات المتحدة غائبة عن الساحة، وأمام الغياب الأميركي والتردد الواضح في معالجة الوضع السوري المتأزم، يكون ميزان القوى قد بدأ يميل لمصلحة إيران التي تستغل هذا التخوف الأميركي من الانخراط في المنطقة لتعزيز نظام الأسد. وقد كان لافتاً في هذا السياق الظهور المفاجئ لبشار يوم السبت الماضي، وهو الظهور الثاني في غضون ثلاثة أيام، على هامش زيارته لجامعة دمشق، وتدشين نصب تذكاري يخلد ذكرى الطلبة الذين سقطوا بسبب أعمال العنف، ولأن الأسد نادراً ما يظهر علناً، فإن الزيارة الأخيرة التي نقلها التلفزيون الرسمي تشي بالثقة المستجدة لدى النظام، التي عززها التقدم الذي أحرزته قواته في الآونة الأخيرة، وتردد المجتمع الدولي في الانخراط الجدي لتسوية الأزمة السورية. ومن حق الأسد وشركائه في طهران أن يشعروا ببعض الثقة خلال هذه الأيام، فمن الواضح أن الولايات المتحدة غير مستعدة لإقران القول بالفعل، لا سيما وأن سوريا تمثل النموذج لما سيكون عليه الصراع الأكبر بين إيران والغرب، وهنا أيضاً نتوقع أن تتصرف إسرائيل منفردة، فلمَ تعتمد على إدارة أوباما للتصدي لإيران فيما هي عجزت عن الوفاء بتعهداتها بشأن الخط الأحمر السوري. جينفر روبين محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"