أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، مؤخراً، قانوناً يقضي بإنشاء منطقة حرة في جزيرة المارية في أبوظبي، تحت مسمّى «سوق أبوظبي العالمية»، ويأتي ذلك في إطار الجهود الساعية لتحويل الإمارة إلى مركز مالي عالمي جاذب للاستثمارات المالية، خصوصاً أن هذه المنطقة ستكون معفاة من الضرائب والرسوم الجمركية، بما يجعلها بيئة استثمارية مثالية للأنشطة المالية، تتيح للمؤسسات فرصة ممارسة أنشطتها باستقلالية وبحرّية تامة، لتكون متوافقة مع الأنظمة والمعايير المعمول بها في أسواق المال العالمية ومراكزها الأكثر تطوراً. وبخلاف ما تتمتع به دولة الإمارات عموماً من مزايا متعلقة بالموقع الجغرافي المميز بين الشرق والغرب، وبناها التحتية والتكنولوجية المتطورة، والنضج الذي وصلت إليه خدماتها المالية والمصرفية، فإن القواعد المنظمة للعمل في «سوق أبوظبي العالمية» المزمع إنشاؤها بمقتضى القانون، ستكون كفيلة بجعلها حلقة وصل استراتيجية بين أسواق المال حول العالم، بشكل يعزز التداولات المالية بين أسواق المال الآسيوية من ناحية، وأسواق المال الأوروبية والأميركية من ناحية أخرى، ويكفل سيولة التداولات واستمراريتها من دون توقف، لتكون «سوق أبوظبي العالمية» محطة رئيسية لالتقاء تيارات التداول المالي حول العالم. إن المضي قدماً في إنشاء «سوق أبوظبي العالمية» في هذا التوقيت بالذات يحمل في طياته العديد من الدلالات، أهمها: إن قيامها في هذا التوقيت يُعد خطوة استراتيجية جديدة تقطعها الإمارة في طريقها نحو الوفاء بالالتزامات التي قطعتها على نفسها في متن «الرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي»، فهذه الخطوة ستوفر لاقتصاد الإمارة مصدراً جديداً ومهماً للدخل، عبر التوسع في الأنشطة المالية، وممارسة دور الوسيط المالي بين الشرق والغرب، يضاف إلى مصادر الدخل التي يرتكز عليها حالياً، والتي يعوّل عليها للوصول بمعدلات نموه السنوي إلى مرحلة الاستدامة، وتجنيب نفسه الأزمات والانتكاسات المحتملة مستقبلاً. وما يزيد أهمية خطوة إنشاء «سوق أبوظبي العالمية» هو أنها تأتي مباشرة بعد افتتاح الإمارة لـلمرحلة الأولى في مشروع «ميناء خليفة» و«مدينة خليفة الصناعية» الملحقة به، والمشروع يمثل أكبر تجمّع صناعي في الإمارة، ويسهم إلى جانب غيره من المشروعات في رفع نسبة إسهام القطاع الصناعي إلى 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في اقتصاد الإمارة خلال السنوات المقبلة. ومن هنا فإن المنطقة الحرة المزمع إنشاؤها ستمثل قناة مالية جيدة لضخ الاستثمارات في هذا المشروع الصناعي الاستراتيجي، في الوقت نفسه الذي ستستفيد هي بدورها من وجوده بجوارها تحت مظلة واحدة من السياسات المالية والاقتصادية المرنة في الإمارة والدولة كلها. وإلى جانب كل ذلك، فإن «سوق أبوظبي العالمية»، بعد إنشائها، ستمثل إضافة ثمينة إلى الرصيد الثري لدولة الإمارات وخبرتها الكبيرة في استضافة المناطق الحرة، في إطار دورها المتصاعد كمركز مالي وتجاري عالمي، وهو الرصيد الذي نجحت في بنائه عبر عقود طويلة من العمل والجهد، إلى أن أصبحت حلقة وصل على خطوط التجارة والاستثمار، وحركة تدفق رؤوس الأموال بين أقاليم العالم أجمع. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.