ازدادت وتيرة العنف الطائفي في العراق إلى درجة اتهام الزعيم مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، رئيس الوزراء نوري المالكي بأنه يحشد الجيوش الشيعية لقمع السنّة. ومن جهته اعتبر المالكي أن الخطر على العراق هو الخطر ذاته التي تعيشه المنطقة جراء التحديات الطائفية، كما هاجم جيش العشائر الذي شكّله المعتصمون في الأنبار. ومن ناحية أخرى أنهى الأكراد مقاطعتهم للوزارة، وعادوا إلى بغداد. والسؤال الآن: إلى متى يستمر العراق في حالة اضطراب وعدم استقرار؟ الجميع كان يتوقع أن يكون العراق نموذجاً للنظام الديمقراطي التعددي، وأن يسوده العدل والمساواة والحرية، وأن يسعى قادته الجدد إلى إعادة إعماره وبناء مؤسساته الدستورية، وإدارة عملية التحول الديمقراطي فيه بكفاءة واقتدار. ما حدث في العراق بعد الانسحاب الأميركي هو نموذج حي لفشل القادة والشعوب العربية في ترسيخ الديمقراطية... فالعراق الموحّد نراه اليوم يتمزق داخلياً، حيث يسود التفكك والانقسام والتنازع على السلطة بين القوى والأحزاب المختلفة، دون أن يعترف الجميع بحرية الاختلاف وعدم إقصاء الآخر. لقد فشلت كل المبادرات الداعية للحوار الوطني العراقي للخروج من دائرة العنف الطائفي المتبادل، بسبب التعصب الطائفي والتحزب المذهبي وعدم المرونة، وتزايد نزعة الهيمنة الكاملة من الائتلاف الحاكم و«دولة القانون». فالمشهد السياسي في العراق يشير إلى استمرار طغيان الصراع الداخلي بين القوى السياسية، واستمرار سياسة حالة العجز في إدارة الدولة نحو التحول الديمقراطي السلمي. لماذا لا يستقر العراق؟ وما هي الأسباب التي تجعله لا يستقر؟ هل هي أسباب داخلية أو ضغوط خارجية تجعله لا يتمتع بالاستقرار؟ وهل نجحت التحالفات الطائفية العابرة للحدود في الانتشار خارج سوريا والعراق ولبنان، تغذيها دولة كبرى في المنطقة مثل إيران؟ وهل تستطيع القيادة العراقية التخلي عن الطرح الطائفي والدعوة إلى بناء عراق جديد موحد بعيداً عن الولاءات الطائفية، في الوقت الذي يمتد فيه الطرح الطائفي في المنطقة ككل؟ وهل يمكن للديمقراطية الوليدة في العراق أن تنجح في ظل فقدان الشعب الثقة بممثليه من النواب اللذين أصبحوا يهتمون أكثر بمصالحهم الحزبية والشخصية الضيقة على حساب الجموع التي انتخبتهم؟ في ظل غياب الإصلاحات، وعدم توصيل الخدمات الضرورية، وعدم توظيف الشباب الباحث عن عمل في العديد من مناطق العراق... هناك خشية من أن يتحول الصراع الداخلي العراقي إلى صراع إقليمي أوسع. والسؤال: هل تستطيع دول الجوار العراقي، خاصة تركيا وإيران، المساهمة في حل مشاكل العراق ودعوة فرقائه للتفاهم والوحدة؟ هذا أمر أصبح مستحيلاً لأن إيران أصبحت جزءاً من المشكلة بدعمها للشيعة العراقيين... كما تعمل تركيا على دعم السنّة، وتحاول تشكيل جبهة ضد التمدد الإيراني في المنطقة. أين يكمن الحل إذن؟ إذا كانت الحكومة العراقية جادة في تهدئة الأمور، فعليها مراجعة قانون العدالة والمساواة الذي يعتبره السنّة تمييزاً ضدهم، كما أنه مطلوب من السنّة في مناطقهم وقف الاعتداء على رجال الأمن، وعلى الحكومة والقبائل السنية التعاون لإنجاح المفاوضات من أجل الوصول إلى حلول ترضي الجميع وتحافظ على وحدة العراق.