ازدادت في الأيام الأخيرة وتيرة الحروب الطائفية في المنطقة العربية، حيث سقط العشرات من القتلى في بلدة الحويجة التابعة لمحافظة كركوك في العراق، بعد اقتحام الجيش العراقي ساحة اعتصام المتظاهرين في البلدة، وقد حذّر نوري المالكي من الفتنة الطائفية. وفي لبنان اتضح اشتراك «حزب الله» في دعم النظام السوري وتدخله في محافظة حمص بحجة أن بعض الأسر والعوائل اللبنانية تعيش في منطقة القُصير بالمحافظة، وأن هذه العائلات تعرضت للأذى ويجب الدفاع عنها! ولم يفكر أحد من مسؤولي الحزب في أن سحب هذه العائلات إلى لبنان قد يكون أفضل طريقة لمنعها من التعرض لأي أذى. تصرف «حزب الله» في لبنان دفع بعض مشايخ الدين في لبنان، وعلى رأسهم الشيخ أحمد الأسير والشيخ سالم الرافعي، إلى إعلان الجهاد في سوريا لإنقاذ سنّتها، وقد توافد شباب لبنانيون على صيدا لتسجيل أسمائهم من أجل الجهاد في سوريا. وسط كل هذه الأحداث الطائفية في المحيط العربي، كيف يمكن لدول الخليج العربية التعامل مع هذه المتغيرات، لاسيما أنه لا يوجد نظام عربي فعّال يمكن الاعتماد عليه؟ وقد أدى ذلك إلى تزايد تدخل دول الجوار، خصوصاً تركيا وإيران، في الشؤون العربية. الصحف العربية أوردت أخباراً حول قيام إيران بنشر فرق اغتيال في العراق لتصفية أي قيادي شيعي يتمرد عليها. «الجيش الحر» السوري أعلن عن وجود إيرانيين إلى جانب «حزب الله» في معارك القصير. ووجه القيادي السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب رسالة إلى الأمين العام لـ«حزب الله» يطالبه فيها بسحب جميع مقاتليه من سوريا لضمان عدم تحول النزاع هناك إلى حرب طائفية. المتغيرات المتسارعة في المنطقة بدأت تؤثر على دول الخليج، حيث تبنت تيارات الإسلام السياسي دعم الثورة في سوريا، وقد تم جمع التبرعات من الأهالي لدعم «الجيش الحر»، كما أن الحكومات الخليجية أسهمت في جمع التبرعات من أجل تحسين أوضاع اللاجئين السوريين في كل من تركيا والأردن ولبنان. لكن الجديد هو تبني التيارات السلفية موقفاً متشدداً من النظام السوري، خصوصاً بعد التدخلات من جانب إيران و«حزب الله» في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا. وقد انخرط بعض الشباب الخليجي في العمل الجهادي في سوريا وقُتل الكثير منهم، ومعظمهم من السعودية والكويت. دول الخليج العربية متخوفة من آثار الحرب الطائفية، خصوصاً بعد تزايد التدخل الإيراني لمصلحة النظام السوري، وامتداد نفوذ إيران إلى العراق (الأحزاب الدينية الشيعية) ولبنان (حزب الله) واليمن (من خلال دعم الحوثيين في المناطق المجاورة للسعودية). ما نتخوف منه فعلاً في الخليج، هو تبني بعض التيارات الإسلامية المتطرفة الخطاب الطائفي، متجاهلة أن المعركة في سوريا هي بين شعب يريد الحرية والديمقراطية ونظام استبدادي قعمي لا يريد التخلي عن السلطة. والإشكالية أن حلفاء سوريا، سواء روسيا أو الصين أو إيران، يدعمون بكل الوسائل حليفهم النظام السوري الاستبدادي... بينما عجزت دول الخليج وحلفاؤها من الدول الغربية، عن دعم المعارضة و«الجيش الحر» السوريين. لا ينكر أحد الدعم المالي والإنساني، لكن ما يحتاجه الثوار اليوم هو مساعدتهم بأسلحة متطورة، وهذا ما يرفضه الغرب... وهنا تكمن مأساة الشعب السوري المنكوب.