خسر الممثل السينمائي الهندي المشهور "سانجاي دات" استئنافاً في المحكمة العليا الهندية هذا الشهر في قضية تتعلق بالتفجيرات، التي وقعت في مومباي في 1993 عقب هدم مسجد بابري. وهي قضية كان الممثل قد اتُّهم فيها بالحصول على أسلحة، ومن ذلك بندقية كلاشينكوف "إيه. كي. 47"، من الرجال الذين أدينوا في تفجيرات 1993 التي قُتل فيها 257 شخصاً. وكان النجم السينمائي، الذي أمضى 18 شهراً في السجن في ذلك الوقت، مُنح كفالة من قبل المحكمة في انتظار محاكمته. والآن، سيتعين عليه قضاء ثلاث سنوات أخرى ونصف السنة في السجن بتهمة حيازة أسلحة بشكل غير قانوني قبل أكثر من عشرين عاماً. لكن خلال عقدين من الزمان، لم يحقق "سانجاي دات" مشواراً فنياً ناجحاً فحسب، من خلال أفلام ناجحة في السينما الهندية، ولكنه تزوج ورزق طفلين أيضاً. والممثل، الذي كان الوجه الأبرز من بين 100 شخص يحاكَمون على خلفية قضية تفجيرات مومباي، لديه أربعة مشاريع أفلام يشتغل عليها حالياً، وكان يخطط للعب دور البطولة في فيلم كبير آخر لسلسلة "مونا بهاي"، وهو فيلم ذو شعبية واسعة جداً. ويُعتبر قرار المحكمة الهندية صادماً بالخصوص، لأن الرجل الذي كفَّر عن ذنبه وغيَّر مجرى حياته عليه أن يذهب للسجن الآن لأكثر من ثلاث سنوات. وخلال المحاكمة الطويلة التي دامت 20 عاماً، بُرئ الممثل في 2007 من تهمة التآمر لمهاجمة مومباي، ولكنه وُجد مذنباً بحيازة أسلحة بطريقة غير قانونية. ورغم أنه بندقية الكلاشنيكوف، لم يعثر لها على أثر لأنها دُمرت وألقيت في البحر من قبل أصدقائه، إلا أن "سانجاي دات" اعترف بشكل طوعي بأنه اشترى البندقية لحماية نفسه وعائلته خلال الاشتباكات الطائفية في مومباي في وقت كانت تروج فيه إشاعات قوية بأن منزله سيُستهدف لأن والدته مسلمة. صحيح أن الممثل ينبغي أن يدفع ثمن جريمته، إلا أن الصحيح أيضاً أن تأخير العدالة هو إنكار لها. والحقيقة أن النظام القضائي الهندي مشهور ببطئه، حيث تمتد فيه بعض القضايا لعشرات السنين، ما يفاقم من معاناة الضحايا، ويطيل أمد حالة عدم اليقين بالنسبة للمتهمين. وعلى هذه الخلفية، دخل عدد كبير من المحامين وقاض سابق في المحكمة العليا الهندية على الخط ملتمسين عفوا لـ"سانجاي دات" ومتهمة أخرى، عمرها 70 عاماً، ليس فقط بسبب التأخر الطويل للمحاكمة، ولكن أيضاً من أجل علاج الجروح التي خلفها هدم مسجد بابري وأعمال الشغب الطائفية. وتُتهم هذه السيدة أيضاً في القضية؛ وهي على غرار الممثل "سانجاي دات"، بمساعدة عمل إرهابي. غير أن مثالاً آخر لظروف مماثلة سلط الضوء من جديد على الطابع البطيء للعملية القضائية الهندية. فالأسبوع الماضي، رفضت المحكمة العليا الهندية تخفيف عقوبة الإعدام وتحويلها إلى السجن المؤبد في حق ناشط من السيخ ينتظر تنفيذ حكم الإعدام الصادر في حقه منذ أكثر من عقد من الزمن؛ حيث رفض القضاة ملتمس عفواً لديفيندار سينج، الذي طلب تخفيف عقوبته من الإعدام إلى السجن المؤبد، بسبب المعاناة التي يشعر بها في انتظار شنقه منذ أكثر من عقد من الزمن. وكان ديفيندار وُجد مذنباً بقتل تسعة أشخاص في تفجير مكتب تابع لحزب المؤتمر عام 1993 خلال ذروة الحركة الانفصالية للسيخ. وهو ينتظر تنفيذ حكم الإعدام منذ 12 عاماً حتى الآن؛ وقضى ثمانية من أصل الـ12 عاماً ينتظر قراراً بشأن ملتمس العفو الذي تقدم به والذي رُفض من قبل الرئيسة الهندية السابقة براتيبها باتل في 2011. والواقع أن "ديفيندار" ليس الوحيد الذي ينتظر تنفيذ الإعدام في حقه منذ سنوات، وينتظر قراراً من الرئيس بشأن ملتمس العفو. فهناك أكثر من عشرة محكومين بالإعدام متهمين بجرائم مختلفة ويوجدون في وضع مماثل، بعد أن قوبلت ملتمسات العفو عنهم بالرفض من قبل الرئيس الهندي. والحق أن الإعدامات قليلة في الهند، إذ قلما تؤيد المحكمة العليا عقوبة الإعدام التي تصدر عن محاكم أدنى درجة؛ غير أن ثمة كماً هائلاً من ملتمسات العفو المعلقة التي تنتظر البت فيها من قبل الرئيس الهندي. وكان شنق محمد أجمل قصاب، المسلح الباكستاني الناجي الوحيد من هجمات مومباي 2008، الأولَ خلال السنوات الثماني الماضية. وبعد ثلاثة أشهر على ذلك، أُعدم محمد أفضل غورو، وهو كشميري أدين بمساعدة الهجوم الذي استهدف البرلمان الهندي عام 2001 بعد أن رُفض طلب العفو عنه من قبل الرئيس الهندي. وكان الرؤساء الهنود المتعاقبون يوثرون ترك طلب العفو عنه معلقاً خشية أن يؤدي إعدامه إلى اضطرابات وردود فعل غاضبة في كشمير. وإذا كان شنقه قد أثار تظاهرات حاشدة وتنديدات واسعة في كشمير، فإنه لم تكن ثمة أعمال عنف واسعة بسبب الانتشار الكثيف لقوات الأمن عقب إعدامه. المحكمة العليا الهندية رفضت طلب "ديفيندار" بتحويل عقوبته من الإعدام إلى الحكم المؤبد، ووبخت الحكومة في الوقت نفسه عبر القول إنها "ظاهرة مزعجة" أن تظل ملتمسات العفو معلقة لفترات تصل إلى 13 عاماً ولا يتم البت فيها، مشيرة إلى أن الحكومة ومكتب الرئيس لا يأخذان الطلبات بالجدية المطلوبة. وخلاصة القول، إن ثمة حاجة ملحة من دون شك في الديمقراطية الهندية المزدهرة إلى نظام قضائي يعمل بسرعة. كما أنه من المهم اتخاذ على قرارات سريعة بشأن ملتمسات العفو التي يتقدم بها محكومون بالإعدام؛ لأنه من غير الإنساني أن يموت المدان كل يوم من عشرات السنين منتظراً قراراً بشأن مصيره.