تنطوي مشروعات السدود والحواجز والبحيرات التي تم إنجازها مؤخراً، ضمن مبادرات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، لتطوير البنية التحتية، على أهمية كبيرة، ليس فقط لأنها تأتي في إطار حرص الدولة على الإدارة الرشيدة لمواردها المائية، والعمل على تعظيم الاستفادة منها، وإنما لأنها تعبِّر عن توجه استراتيجي بعيد المدى يستهدف تحقيق الأمن المائي، وتوفير احتياجات المياه الضرورية في أوقات الأزمات، وبما يلبي الاحتياجات الرئيسية للسكان وتزايدها من ناحية، ومتطلبات النمو الاقتصادي من ناحية ثانية. وهذه المشروعات المائية تشمل مختلف إمارات الدولة ومناطقها، ولعل أبرزها في هذا الشأن، بحيرة فلج المعلا بأم القيوين التي تهدف إلى تعزيز وتحسين وضع المياه الجوفية، وإحياء واستدامة القنوات المائية والأفلاج في منطقة فلج المعلا، وبحيرة منطقة خضيرة بالذيد في إمارة الشارقة. كما تم إنجاز ثلاثة سدود في منطقة وادي كوب، التابعة لإمارة رأس الخيمة، لتعزيز وتحسين وضع المياه الجوفية، ولدرء مخاطر الفيضان عن المناطق السكنية في وادي كوب، ومشروع التغذية الاصطناعية للمياه الجوفية في بحيرة سد أذن في إمارة رأس الخيمة، هذا علاوة على مشروع تخزين المياه الاستراتيجي بالمنطقة الغربية، والذي يتميز بالقدرة على تخزين كميات كبيرة من المياه للطوارئ تصل إلى 3,5 مليار جالون قابلة للزيادة حتى 30 مليار جالون، في حين أن سعة أكبر خزان سطحي في الدولة 90 مليون جالون. وفي السياق ذاته، باشرت بلدية مدينة العين مؤخراً خطوات مشروع إنشاء محطة رفع وخزان رئيسي بسعة تزيد على مليون جالون من مياه الري، لمواكبة احتياجات القطاع من مياه الري، وتدعيم البنية التحتية لشبكة الري في القطاع، حيث بلغت تكلفة المشروع 50 مليون درهم، ويستغرق إنجازه نحو 18 شهراً. وهذه المشروعات المائية لا تنفصل عن الجهود التي تقوم بها دولة الإمارات من أجل تحقيق أمنها المائي، كتوسيع الجهود المبذولة في عملية جمع مياه الأمطار واستدامة كفاءتها، بهدف زيادة وتنمية المخزون المائي، وتعزيز الموارد المائية الجوفية الطبيعية عن طريق حصد مياه الأمطار التي تجري في الأودية، والاهتمام ببناء خزانات السدود والحواجز، التي أسهمت في تعزيز وتحسين منسوب ونوعية المياه الجوفية، وفي درء خطر السيول والفيضان عن المدن والمناطق السكنية. وتنظر دولة الإمارات إلى المياه باعتبارها مورداً استراتيجياً مهماً للوفاء بمتطلبات التنمية الشاملة والمستدامة، خاصة في ظل الارتفاع المطرد في أعداد السكان، ونظراً إلى أنها تقع في حزام المناطق الجافة، ما يؤدي إلى شح الموارد المائية العذبة المتجددة طبيعياً وعدم وجود مصادر مياه سطحية دائمة الجريان كالأنهار أو البحيرات العذبة، ولهذا كله فإنها لا تألو جهداً في العمل على تحقيق أمنها المائي، سواء من خلال تبني عدد من الخيارات غير التقليدية، كاللجوء إلى الطاقة المتجددة والطاقة البديلة في صناعة التحلية ومعالجة المياه، أو من خلال تبني منهج الإدارة المستدامة لمصادر المياه باعتباره أحد عناصر الخطة الاستراتيجية للتنمية، أو من خلال انتهاج سياسة زراعية جديدة تقوم على تحقيق أقصى قدر من التوازن بين الأمنين المائي والغذائي عن طريق التقليل من الزراعات ذات الاستهلاك المائي العالي، ودعم الأنظمة الزراعية المقتصدة في استخدام المياه وذات الإنتاجية العالية لوحدة الماء والمساحة. -------- عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية