شهدت الفترة الماضية ظهور بوادر تعافٍ على القطاع العقاري الإماراتي، وقد رصدت العديد من المؤسسات الاقتصادية مؤشرات دالة على ذلك، في أسواق العقارات المختلفة في الدولة، ففي تقرير حديث صادر عن شركة «أستيكو» للخدمات العقارية، عكست المؤشرات ارتفاع متوسط أسعار العقارات المتداولة في السوق العقارية بأبوظبي بنسبة تصل إلى 13.5 في المئة خلال الربع الأول من العام الجاري، وبالتوازي مع ذلك، فقد شهدت إيجارات الوحدات السكنية أيضاً نمواً يصل إلى نحو 8 في المئة خلال الفترة نفسها. وعلى نحو موازٍ، فقد أكد تقرير آخر صادر عن مؤسسة «جونز لانج لاسال» للاستثمارات والاستشارات العقارية، أن السوق العقارية في إمارة دبي قد شهدت حالة من الرواج خلال الربع الأول من العام، مع زيادة عدد المعاملات في القطاع، ورصد مظاهر ارتفاع في الأسعار والإيجارات العقارية في الإمارة، وما أشار إليه التقرير بشكل لافت، هو أن هناك رواجاً كبيراً للاستثمارات العقارية في السوق العقارية بدبي، خلال الفترة المذكورة، وأن هذه السوق تتجه شيئاً فشيئاً نحو المزيد من النضج والاستقرار والثبات في النمو بمرور الوقت. هذه المؤشرات في مجملها تعبر عن أن السوق العقارية الإماراتية ككل تعيش وتمر في الوقت الحالي بمرحلة من التحسن في الأداء، وأن هناك نمواً في الطلب الحقيقي على الأصول العقارية المتداولة، وهو ما رصدته التقارير المذكورة بالفعل، لدى تأكيدها أن هناك زيادة في الطلب على الوحدات السكنية في العديد من المناطق ونمواً في الطلب على الوحدات التجارية والصناعية في مناطق أخرى. وبالإضافة إلى ذلك، فقد ذكرت تلك التقارير أن هناك استثمارات جديدة ومشروعات تم الشروع في تنفيذها في بعض المناطق خلال الفترات الأخيرة، الأمر الذي يؤكد أن القطاع استطاع بالفعل امتصاص الصدمات التي سببتها الأزمة المالية العالمية، وتخطى المراحل الأسوأ من هذه الأزمة، وبدأ في قطع خطوات جديدة على الجزء الصاعد من منحنى الأداء في مرحلة ما بعد الأزمة. دون شك، هذا الأداء الإيجابي والآخذ في الاستقرار والنضوج في القطاع العقاري الإماراتي، ما هو إلا نتاج لحالة الرواج والازدهار الاقتصادي التي تعيشها الدولة منذ فترة ليست بالقصيرة، وهي الحالة التي تبدو معالمها واضحة من خلال معدلات النمو والتوسع في الأنشطة الاقتصادية في العديد من القطاعات، كالسياحة والتجارة والصناعة والطاقة والخدمات المالية والمصرفية. وهذا النمو بدوره هو القوة المحركة لذلك النمو الذي تم رصده في الطلب الحقيقي على الأصول العقارية في العديد من مناطق الدولة، وهو بدوره يمثل الوقود للمزيد من النمو والازدهار في القطاع العقاري الوطني خلال الفترات المقبلة، لاسيما بعد أن كان القطاع العقاري هو الأكثر تضرراً خلال الأزمة المالية، وأثرت الخسائر التي تعرض لها في ذلك الحين سلبياً في الأداء الاقتصادي الكلي، في دولة الإمارات وغيرها من دول العالم. ومن هنا، فإن عودة القطاع العقاري الوطني إلى أدائه الإيجابي على النحو المذكور، خصوصاً بعد حالة التعافي التي استشعرها الاقتصاد الوطني خلال الفترات الماضية، تبين أن مستقبل هذا القطاع سيكون واعداً وأكثر ازدهاراً. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.