تعرضت إيران إلى زلزالين عنيفين في أسبوع واحد حيث تعرضت محافظة سيستان وبلوشستان جنوبي شرقي إيران في 16 أبريل إلى هزة أرضية بلغت قوتها 7,6 على مقياس ريختر، ووصلت هزاتها الارتدادية إلى دول الخليج، وكان قد وقع زلزال سابق في 9 أبريل الجاري في إقليم بوشهر بلغت قوته 6,5 على مقياس ريختر، وسارعت الحكومة الإيرانية ومسؤولو الشركة الروسية التي أنشأت مفاعل بوشهر إلى التأكيد على أن الزلزال الذي وقع بالقرب من المفاعل لم يلحق به ضرراً، كما لم تظهر أي علامة على حدوث تسرب إشعاعي بعد الزلزال. والتطمينات الإيرانية والتأكيدات الروسية لم تمنع استمرار مخاوف الدول الخليجية من مخاطر حدوث تسرب إشعاعي في مفاعل بوشهر، ويقع هذا المفاعل على الضفة الشرقية للخليج العربي، ونتيجة لقربه من دول الخليج فإنها معنية بأمر المفاعل لأن خطورة المفاعل النووي تكمن في قضايا التسرب النووي سواء كان السبب تقنياً أو نتيجة لكوارث طبيعية. وتكمن خطورة إمكانية حدوث تسرب إشعاعي من مفاعل بوشهر في ضعف التجهيزات التقنية لهذا المفاعل، أولًا، حيث سبق وأن تعطلت أجهزة الحواسب الآلية للمفاعل من جراء إصابتها بفيروس 'ستاكس نت'، ثانياً، للمخاوف الجدية من حدوث زلازل فموقع المفاعل في منطقة عرضة للزلازل. وكان مسؤولو اللجان الوطنية للطوارئ بدول مجلس التعاون الخليجي قد اجتمعوا في الرياض الأحد 14 أبريل لبحث مخاطر تسرب الإشعاع في منطقة الخليج في حال تعرض محطة بوشهر الإيرانية لزلزال آخر، وكان تقرير صدر عن لجنة التوعية والإعلام البيئي في الأمانة العامة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، قد أشار إلى أن مفاعل بوشهر الإيراني يهدد دول مجلس التعاون عامة والكويت خاصة؛ وذلك بسبب افتقاره لمعايير الأمان وعدم شفافية الأنشطة والأهداف الإيرانية مما قد يؤدي إلى كارثة حقيقية، وأي تسرب جوي أو بحري من الملوثات النووية سيكون له تأثير مدمر على دول المنطقة كافة والبيئة البحرية فيها، كما أكد الخبراء في التقرير على أن حدوث أي تسرب إشعاعي من مفاعل بوشهر النووي الإيراني قد يعرض ما بين 40-100 في المئة من سكان الخليج للخطر، بينما سيتأثر 10 في المائة فقط من سكان إيران حال حدوث التسرب الإشعاعي من مفاعل بوشهر. وقد صرح عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي بأن دول مجلس التعاون سبق أن نبهت إيران إلى خطورة وضع المفاعل النووي في بوشهر، وحذرت من احتمال التسرب الإشعاعي وتأثيراته الضارة على البيئة الطبيعية في منطقة الخليج، قائلًا "إن دول الخليج حثت طهران من قبل على ضرورة ضمان مطابقة منشآتها النووية لمعايير السلامة الدولية والانضمام إلى اتفاقية السلامة النووية، إلا أن طهران لم تبدِ أية علامة على تجاوبها مع المخاوف الدولية بشأن برنامجها النووي". وتثير كوارث تسربات المفاعلات النووية مخاوف حقيقية لدى الشعوب والحكومات، فبعد كارثة التسرب الإشعاعي من محطة فوكوشيما شمال شرقي اليابان العام الماضي بدأت الدول بمراجعات لبرامجها النووية المدنية، فبدأت بعض الدول بالتخلي التدريجي عن برنامجها النووي والتوجه إلى تطبيقات وبرامج الطاقة البديلة، فيما عملت أخرى على مراجعة إجراءات السلامة في مواقع المفاعلات النووية لتجنب الأعطال الفنية والتأكد من دراسة طبيعة وجيولوجية الأرض، حيث تتركز أهم المخاوف في إمكانية حدوث 'الزلازل" والكوارث الطبيعية. تصف طهران المخاوف الخليجية بالدعاية الإعلامية، ولكن بعيداً عن الحسابات السياسية ولعبة المكاسب، تعي دول الخليج أنها بحاجة لإجراءات احترازية ووقائية، ولكن على إيران أن تعي جدية المخاوف الخليجية، وأن تعي خطورة اللعبة النووية، وأن تتواصل مع دول الخليج حفاظاً على شعوب المنطقة، فالخطر النووي عام لا يفرق بين جهة شرقية أو غربية للخليج، وشعوب الخليج معنية بتأمين سلامة البيئة الخليجية للأجيال القادمة.