تعرض أوباما لبعض الانتقاد الأسبوع الماضي عندما امتنع في البداية عن استخدام كلمة «إرهاب» لوصف تفجير بوسطن، حيث أشار إليه على أنه «خسارة لا معنى لها للأرواح»، وتعهد بـ«أننا سوف نعثر على من فعل هذا، وسوف نحاسبه». لكنه لم يستخدم كلمة «إرهاب» رغم صور الضحايا المشوهين، التي تناقلتها وسائل الإعلام. والسؤال هنا: لماذا انتظر الرئيس حتى يوم الثلاثاء كي يشير إلى المأساة على أنها «عمل من أعمال الإرهاب»؟ هناك أسباب عديدة لذلك، منها أن أي رئيس- وعلى وجه الخصوص أوباما- سوف يتحرز، وهو الإجراء الصحيح- من استخدام الكلمة قبل تكشف كافة التفاصيل. ومصطلح الإرهاب له مضامين قانونية وأخرى تتعلق بالأمن القومي. وهو مصطلح معرّف بشكل عام ومترابط منطقياً، وتترتب عليه تداعيات سياسية، بالنسبة لإدارة، سعت منذ بدايتها، للتقليل من أهمية فكرة «الحرب على الإرهاب»، واستخدمت بدلا منها فكرة «التهديد المتراجع»، لشرح أسباب تقليص الانخراط العسكري الأميركي وراء البحار. والجدل بشأن «الإرهاب» أمر مألوف. فعقب الهجوم الذي وقع في بنغازي بليبيا في 11 سبتمبر الماضي، كان هناك قدر كبير من عدم الاتفاق حول ما إذا كان يجب وصف الهجوم على البعثة الدبلوماسية الأميركية هناك بأنه «عمل إرهابي» قبل إجراء التحقيقات اللازمة لكشف خفايا ذلك الهجوم، أم لا. وبالنسبة لحادث بوسطن، كان من الطبيعي، بعد تحديد مرتكبي الحادث، وبعد عملية المطاردة الدراماتيكية التي تلت ذلك، أن نعرف المزيد عن مرتكبي هذا العمل. لكن في تلك اللحظات المبكرة، كان الرئيس يرغب، وهو أمر صائب تماماً، في بث مشاعر الهدوء والتشجيع على التماسك والتلاحم بين المواطنين. وهناك تعريفات قانونية للإرهاب موجودة بصيغ متعددة في القانون الأميركي. فبشكل عام يُعرّف الإرهاب بأنه ليس فقط عملا من أعمال العنف، وإنما أيضاً عمل يتم ولدى القائم به تصور معين في الذهن هو إرهاب الناس، أو التأثير على حكومة، أو إرغامها على تغيير سياستها. واستخدام مصطلح الإرهاب ينطوي على مضامين تتصل مباشرة بالأمن القومي. لأننا عندما نطلق هذه التسمية على عمل ما فذلك يمثل في حد ذاته اعترافاً بأن سيادتنا الوطنية وشعورنا بالمواطنة قد تعرضا للهجوم من قبل قوى داخلية أو خارجية أو هما معاً. وهذا يعني ضمناً أن ثمة هجمات إضافية يمكن أن تتبع ذلك، وأن هناك بالتالي حاجة لاستجابة عسكرية لمنع الهجمات اللاحقة أو معاقبة مرتكبي الأعمال السابقة. هناك أيضاً تداعيات سياسية واضحة لوصف عمل ما بأنه «إرهابي»، حيث تبرز على الفور أسئلة حول السبب الذي جعل منظوماتنا المناوئة للإرهاب وأجهزتنا الاستخبارية التي بُنيت على مدى عقد، تعجز عن منع الهجوم؟ وبالنسبة لإدارة أوباما كانت التسمية تنطوي على أهمية جوهرية. فهذه الإدارة كانت تشير غالباً لقتل بن لادن، والقضاء على القوام الصلب لـ«القاعدة»، كدليل على أن سياستها المناوئة للإرهاب تتسم بالفاعلية. ووقوع هجوم «إرهابي» داخل الولايات المتحدة، بصرف النظر عن هوية مرتكبيه، يفند هذه الرواية الرسمية. وتفجير بوسطن على وجه التحديد، يبين أن هناك إرهاباً من نوع ما، لا يزال قادراً على تهديد أميركا. ومن الصعوبة بمكان الجدل بأن تيارات الحرب آخذة في الانحسار، إذا ما كانت هناك أعمال إرهابية تقع في الولايات المتحدة؛ وفروع «القاعدة» آخذة في الازدهار من غرب أفريقيا لوسط آسيا. بيد أن التهديد الإرهابي لا يأتي فقط من الجماعات المرتبطة بـ«القاعدة»؛ فهناك جماعات أخرى مثل «لاشكر طيبه» في باكستان، تمثل تهديداً جدياً، وكذلك «حزب الله» ورعاته الذين يظلون راغبين في شن هجمات، مثل تفجير الباص في بلغاريا العام الماضي. لا يمكن بحال إنكار أن هجوم بوسطن كان عملًا إرهابياً، وهو ما دعا الرئيس في نهاية المطاف لاختيار التعريف المتفق مع الفطرة السليمة وتسميته بما هو عليه فعلا. لكن الجدل حول التسميات يعكس أسئلة أكثر جوهرية تتعلق بالكيفية التي ينبغي أن نتعامل بها مع الخطر الإرهابي المتحول في عام 2013. ومن هذه الأسئلة: من الذي نستطيع استهدافه، ويجب استهدافه، بالقوة المميتة؟ من المشتبه بارتكابه عملا إرهابياً، والذي نستطيع اعتقاله؟ هل نرى تمردا إرهابياً في اليمن ونيجيريا، أم مجرد كارتل مخدرات يستخدم تكتيكات إرهابية ويشكل تهديداً للولايات المتحدة و حلفائها؟ هل أيديولوجيا «القاعدة»، على النحو الذي تتطور به في سوريا وشمال أفريقيا، تعرّف الحدود الخارجية للتهديدات الموجهة لأميركا؟ الطريقة التي نتكلم بها عن الإرهاب هي التي تتحكم في شكل الإجابة عن تلك الأسئلة التي ما زال يتعين علينا التعامل مع أكثرها صعوبة ومشقة. جوان سي. زاريت مستشار رئيسي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، عمل نائباً لمستشار الأمن القومي لشؤون مكافحة الإرهاب في إدارة بوش الابن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»