بعد قرابة عقدين من التصعيد الدوري، حان الأوان ليكف المجتمع الدولي عن لعب لعبة كوريا الشمالية، ويبحث بدائل لحل هذه المشكلة بشكل نهائي. ذلك أن المقاربة الحالية فشلت؛ وكلما طالت أكثر، كلما زادت من تقريب المنطقة من الحرب أكثر. لكن السبيل إلى تغيير موقف بيونج يانج ليس هو فرض مزيد من العقوبات، أو نشر مزيد من الجنود الأميركيين في المنطقة. ولئن كانت هذه الأمور يمكن أن تلعب دوراً رادعاً تجاه كوريا الشمالية، فإنها لا تقوم سوى بتأخير حل النزاع وأسبابه الرئيسية - إضافة إلى تقليص احتمالات حدوثه. وعليه، فالمطلوب الآن، وما تستطيع واشنطن فقط القيام به، بالنظر إلى هوس بيونج يانج بالولايات المتحدة، ووجود جنود الأخيرة في كوريا الجنوبية، هو مقاربة خلاقة جديدة تركز على استثمار أميركي حقيقي لمساعدة كوريا الشمالية على إعادة بناء اقتصادها. فهذا التحول من شأنه أن يزيل الموضوع النووي كمكون يضفي الشرعية على النظام في بيونج يانج، ويحيِّد الابتزاز النووي كوسيلة بالنسبة للشمال للحصول على تنازلات من المجتمع الدولي. والواقع أنه سبق لكوريا الجنوبية أن حاولت القيام بذلك من خلال "سياسة الشمس المشرقة"، ولكن محاولاتها باءت بالفشل، لأنها لم تعالج موضوع الانتشار العسكري الأميركي في كوريا الجنوبية. والحال أن الآلية الثنائية الوحيدة المهمة حقاً بالنسبة لبيونج يانج هي مع واشنطن؛ وكل ما عدا ذلك هو ثانوي، بما في ذلك علاقاتها مع بكين وسيئول. والأكيد أن مواجهة التهديدات بالتهديدات لا تؤدي إلا إلى تأجيج مشاعر الشك والارتياب الوطنية في كوريا الشمالية، ومنح النظام الأسباب لإعادة صرف مزيد من الموارد عن الشعب المعوز وتوجيهها إلى الجيش. وعلاوة على ذلك، فإنها تقوي حجة بيونج يانج القائلة إن العامل الرئيسي الذي يعيق تنمية سلمية هو الوجود العسكري الأميركي الطويل في المنطقة. فالإصرار الكوري الشمالي على تقسيم التحالف الأميركي- الكوري الجنوبي مستمر لأن الشمال ليس لديه شيء آخر ليركز عليه. ولذلك، فقد حان الأوان لنفاجئ بيونج يانج ونقدم لها فرصاً جديدة. الاستراتيجية الجديدة للتعاطي مع كوريا الشمالية ستسعى إلى استغلال كبرياء بيونج يانج، أو بالأحرى، حاجتها إلى أن تكون فخورة. فهي ترغب في الاعتراف، وفوق كل شيء ترغب في أن تُظهر للعالم أن نموذجها، أيضاً، يمكنه أن ينجح. ولفهم حاجة الشمال إلى الإبهار، ما على المرء إلا أن ينظر إلى مشاريع البنية التحتية (ومعظمها لم يكتمل) التي أطلقتها في الثمانينيات بمليارات الدولارات، بعد أن أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية عن منح شرف تنظيم ألعاب 1988 الأولمبية لسيئول. واشنطن يمكنها أن تبدأ مقاربتها الجديدة عبر وضع الموضوع النووي في الرف في الوقت الراهن، والتعامل بدلاً من ذلك مع بيونج يانج على مستويات أخرى. ويمكن أن يشمل ذلك بحث سبل مساعدة الشمال على إعادة بناء اقتصاده وتحديث صناعاته، أو تقديم المساعدة له في استخراج المعادن الثمينة الكامنة في ترابه. دجاي. مايكل كول محلل سياسي كندي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"